الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱعْلَمُوۤا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِٱللَّهِ وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

الغنيمة ما اخذ من اموال اهل الحرب من الكفار بقتال. وهي هبة من الله تعالى للمسلمين. والفيء ما اخذ بغير قتال في قول عطا بن السائب، وسفيان الثوري وهو قول الشافعي، وهو المروي في اخبارنا.

وقال قوم: الفيء والغنيمة واحد. وقالوا إن هذه الاية ناسخة للتي في الحشر من قولهما أفاء الله على رسوله من أهل القرى، فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل } لأنه بين في هذه الآية ان الأربعة اخماس للمقاتلة. وعلى القول الأول لا يحتاج إلى هذا، وعند اصحابنا ان مال الفيء للامام خاصة يفرقه فيمن شاء بعضه في مؤنة نفسه وذوي قرابته. واليتامى والمساكين وابن السبيل من اهل بيت رسول الله ليس لسائر الناس فيه شيء. واما خمس الغنيمة، فانه يقسم عندنا ستة اقسام: فسهم لله، وسهم لرسوله للنبي، وهذان السهمان مع سهم ذي القربى، للقائم مقام النبي صلى الله عليه وآله ينفقها على نفسه وأهل بيته من بني هاشم، وسهم لليتامى: وسهم للمساكين: وسهم لأبناء السبيل من أهل بيت الرسول لا يشركهم فيها باقي الناس لأن الله تعالى عوضهم ذلك عما اباح لفقراء المسلمين ومساكينهم وابناء سبيلهم من الصدقات إذا كانت الصدقات محرمة على أهل بيت الرسول عليهم السلام وهو قول علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ومحمد بن على الباقر ابنه عليهم السلام رواه الطبري باسناده عنهما.

وقال الحسين بن علي المغربي حاكياً عن الصابوني من اصحابنا، إن هؤلاء الثلاثة فرق لا يدخلون في سهم ذي القربى وإن كان عموم اللفظ يقتضيه، لأن سهامهم مفردة، وهو الظاهر من المذهب. والذين يستحقون الخمس عندنا من كان من ولد عبد المطلب، لأن هاشماً لم يعقب إلا منه: من الطالبيين والعباسيين والحارثيين واللهبيين، فاما ولد عبد مناف من المطلبيين، فلا شيء لهم فيه، وعند اصحابنا الخمس يجب في كل فائدة تحصل للانسان من المكاسب وأرباح التجارات والكنوز والمعادن والغوص وغير ذلك مما ذكرناه في كتب الفقه.

ويمكن الاستدلال على ذلك بهذه الآية، لأن جميع ذلك يسمى غنيمة.

وقال ابن عباس، وابراهيم، وقتادة، وعطا: الخمس يقسم خمسة أقسام فسهم الله وسهم الرسول واحد.

وقال قوم: يقسم أربعة أقسام سهم لبني هاشم وثلاثة للذين ذكروا بعد ذلك من سائر المسلمين، ذهب اليه الشافعي.

وقال اهل العراق: يقسم الخمس ثلاثة اقسام، لان سهم الرسول صرفه الأئمة الأربعة إلى الكراع والسلاح.

وقال مالك: يقسم على ما ذكره الله. ويجوز للامام ان يخرج عنهم حسب ما يراه وإنما جاء على طريق الاولى في بعض الاحوال.

وقال ابو العالية - وهو رجل من صالحي التابعين - يقسم ستة اقسام، فسهم الله للكعبة، والباقي لمن ذكر بعد ذلك.

السابقالتالي
2