الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ }

اخبر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله على وجه الامتنان عليه واعلامه منزلته عنده انه لا يعذب احداً من هؤلاء الكفار بهذا العذاب الذي اقترحوه على وجه الفساد للحق { وانت } يا محمد { فيهم } موجود.

والتعذيب تجديد الآلام حالا بعد حال، لأن اصله الاستمرار، فالعذب من استمرار الشيء لما فيه من الملاذ. والعذاب من استمراره لما فيه من الآلام واللام في قوله { ليعذبهم } لام الجحد. واصلها لام الاضافة. وإنما دخلت في النفي ولم تدخل في الايجاب لتعلق الخبر بحرف النفي، كما دخلت الباء في خبر (ما) ولم تدخل في الايجاب.

وإنما لم يعاقب الله تعالى الخلق مع كون النبي صلى الله عليه وآله فيهم على سلامته مما ينزل بهم، لأنه تعالى أرسله رحمة للعالمين. وذلك يقتضي ألا يعذبهم وهو فيهم.

وقوله { وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون } قيل في معناه أقوال:

احدها - ان النبي صلى الله عليه وآله لما خرج من مكة بفي فيها بقية من المؤمنين يستغفرون، وهو قول ابن عباس، وعطية، وابي مالك، والضحاك، واختاره الجبائي.

وقال آخرون: اراد بذلك لا يعذبهم بعذاب الاستئصال في الدنيا، وهم يقولون يارب غفرانك. ويعذبهم على شركهم في الآخرة، وذلك عن ابن عباس في رواية أخرى، وهو قول أبي موسى، ويزيد بن رومان، ومحمد بن مبشر.

الثالث - أنهم لو استغفروا لم يعذبوا، وفي ذلك استدعاء إلى الاستغفار روي ذلك عن ابن عباس في رواية أخرى، وبه قال مجاهد وقتادة والسدي وابن زيد.

وقال الزجاج: معناه لا يعذب الله من يؤل إلى الاسلام.

وقال الحسن وعكرمة: هذه الآية منسوخة بالتي بعدها. قال الرماني: هذا غلط، لأن الخبر لا ينسخ.