الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالُواْ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }

تقديره واذكر يا محمد إذ قال هؤلاء الكفار { إن كان هذا } القرآن { هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم } شديد مؤلم. قال سعيد ابن جبير، ومجاهد: كان الطالب لذلك النضر بن الحارث بن كلدة لأنه كان سمع سجع اهل الحيرة وكلام الرهبان، فقتله النبي صلى الله عليه وآله يوم بدر صبراً فقال: يا رسول الله من للصبيه؟ قال النار وقيل عقبة بن ابي معيط، والمطعم بن عدي، قتل هؤلاء الثلاثة صبراً من جملة من أسر، وفي النضر نزل قولهسأل سائل بعذاب واقع للكافرين } يعني ما سأله ها هنا. وهذا القول من قائله يجوز أن يكون عناداً، فان المعاند قد تحمله شدة عداوته للحق على اظهار مثل هذا القول. ليوهم انه على بصيرة في أمره. ويجوز أن يكون ذلك لشبهة تمكنت في نفوسهم.

وقال الجبائي: ذلك دليل على اعتقادهم خلاف الحق الذي اتى به النبي صلى الله عليه وآله وهو حجة اهل المعارف، لأنهم لو عرفوا بطلان ما هم عليه، لما قالوا مثل هذا القول.

فان قالوا كيف طلبوا بالحق من الله العذاب وانما يطلب به الخير والثواب؟.

قلنا: لانهم قالوا ذلك على أنه ليس بحق من الله عندهم. واذا لم يكن حقاً من الله لم يصبهم البلاء الذي طلبوه.

فان قيل لم قالوا { امطر علينا حجارة من السماء } والامطار لا يكون إلا من السماء؟ قلنا عنه جوابان:

احدهما - أن امطار الحجارة يمكن ان يكون من عل دون السماء.

والثاني - ان يكون على جهة البيان بـ (من).

والحجارة واحد الاحجار، وهو ما صلب من الاجسام، يقال استحجر الطين إذا صلب، فصار كالحجر. واكثر ما يقال حجر للمدر، مع ذلك فالياقوت حجر ولذلك يقال الياقوت افضل الحجارة، ولا يقال الياقوت افضل الزجاج، لانه ليس من الزجاج وكل شيء من العذاب يقال امطرت ومن الرحمة يقال مطرت.

وقوله { هو } يجعل عماداً في ظننت واخواتها. ويسميه البصريون صلة زائدة وتوكيداً كزيادة (ما) ولا يزاد إلا في كل فعل لا يستغنى عن خبره، وفي لغة تميم يرفع ذلك كله، فيقولون { إن كان هذا هو الحق } وكذلك قولهولكن كانوا هم الظالمين } وتجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجراً } كل ذلك يرفعونه. وعلى الاول ينصب ما بعدها ومثله قولهويرى الذين أوتوا العلم } إلى قولههو الحق }