الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَابِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلصُّمُّ ٱلْبُكْمُ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ }

اخبر الله تعالى { إن شر الدواب عند الله الصم } والشر إظهار السوء الذي يبلغ من صاحبه وهو نقيض الخير. وقيل الشر الضر القبيح، والخير النفع الحسن. وقيل الشر الضر الشديد. والخير النفع الكثير، واصل الشر الاظهار من قول الشاعر:
كما اشرّت بالأكف المصاحف   
اي أظهرت، وشر الرجل يشر شرّاً وشروت الثوب إذا بسطته في الشمس وشرر النار ما تطاير منه لظهوره بانتشاره وتفرقه، ومنه الشر وهو ما يظهر من الضرر كشرر النار.

والدواب جمع دابة وهي مادب على وجه الارض إلا انه تخصص في العرف بالخيل دب يدب دبيباً.

فبين ان هؤلاء الكفار شر ما دب على الارض من الحيوان. ثم شبههم بالصم البكم الذين لا يعقلون من حيث لم ينتفعوا بما كانوا يسمعون من وعظ الله ولا يتكلمون بكلمة الحق، والصمم آفة في الاذن تمنع السمع، ثم يصم صمماً وهو اصم. وصمم على الامر إذا حقق العزم عليه وتصام عن القول إذا تغافل عنه. وعود اصم خلاف المجوف وأصله المطابقة من غير خلل. والبكم الخرس: الذي يولد به صاحبه لانه قد يكون لآفة عارضة، وقد يكون لآفة لازمة.

وقال ابو جعفر عليه السلام نزلت الآية في بني عبد الدار لم يكن اسلم منهم غير مصعب بن عمير وحليف لهم يقال له سويبط. وقيل: نزلت الآية في النضر ابن الحارث بن كلدة من بني عبد الدار بن قصي.