الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلنَّازِعَاتِ غَرْقاً } * { وَٱلنَّاشِطَاتِ نَشْطاً } * { وَٱلسَّابِحَاتِ سَبْحاً } * { فَٱلسَّابِقَاتِ سَبْقاً } * { فَٱلْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً } * { يَوْمَ تَرْجُفُ ٱلرَّاجِفَةُ } * { تَتْبَعُهَا ٱلرَّادِفَةُ } * { قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ } * { أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ } * { يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي ٱلْحَافِرَةِ } * { أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً } * { قَالُواْ تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ } * { فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ } * { فَإِذَا هُم بِٱلسَّاهِرَةِ }

قرأ أهل الكوفة إلا حفصاً " عظاماً ناخرة " بألف، الباقون " نخرة " بلا ألف من قرأ " ناخرة " اتبع رؤس الآي نحو (الساهرة، والحافرة) ومن قرأ نخرة - بلا ألف - قال لأنه الاكثر في كلام العرب، ولما روي عن علي عليه السلام انه قرأ " نخرة " وقال النحويون: هما لغتان مثل باخل وبخل، وطامع وطمع. وقال الفراء النخرة البالية والناخرة المجوفة.

وقوله { والنازعات } قسم من الله تعالى بهذه الأشياء التي عددها. وقال قوم: تقديره ورب النازعات وما ذكر بعدها، لأنه لا يجوز اليمين إلا بالله تعالى. وهو ترك الظاهر. وقد روينا عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام أن لله تعالى أن يقسم بما يشاء من خلقه، وليس لخلقه أن يقسموا إلا به. وإنما كان كذلك، لانه من باب المصالح التي يجوز أن تختلف به العبادات، وإنما جاز أن يقسم هو تعالى بما شاء من خلقه، للتنبيه على موضع العبرة فيه إذ القسم يدل على عظم شأن المقسم به. ومعنى { النازعات } الملائكة تنزع الأرواح من الأبدان، فالنازعات الجاذبات الشيء من أعماق ما هو فيه. وقال الحسن وقتادة: هي النجوم أي تنزع من أفق السماء إلى أفق آخر. وقال عطاء: هي القسى تنزع بالسهم. وقال السدي: هي النفوس تنزع بالخروج من البدن.

وقوله { غرقاً } معناه إغراقاً أي ابعاداً في النزع.

وقوله { والناشطات نشطاً } قيل: هي الخارجات من بلد إلى بلد بعيد الاقطار ينشط كما ينشط الوحش بالخروج من بلد إلى بلد. والهموم تنشط بصاحبها أي تخرج به من حال إلى حال، قال هيبان بن قحافة:
أمست همومي تنشط المناشطا   الشام طوراً ثم طوراً واسطا
وقال ابن عباس: هي الملائكة أي تنشط بأمر الله إلى حيث كان. وقال قوم: هو ملك الموت ينشط روحه من خلقه، وقال قوم: هي النجوم تنشط من المشرق إلى المغرب. وقال عطاء: هي الوحش تنشط من بلد إلى بلد قال رؤية:
تنشط منها كل معلاه الوهق   
يعني بقر الوحش. قال الفراء: تنشط نفس المؤمن كما ينشط العقال من يد البعير. قال ابن خالويه، واكثر ما سمعته أنشطته بالألف، قالوا: كأنه انشط من عقال. فاذا شددت الحبل في يد البعير قلت: نشطته وإذا حللته قلت أنشطته. وقوله { والسابحات سبحاً } معناه المارات بغوص معظمها في المائع وقد يكون ذلك فى الماء وقد يكون فيما جرى مجراه، وذلك كسبح دود الخل، وقد يكون السبح في الهواء تشبيهاً بالماء. وقال مجاهد: السابحات الملائكة، لأنها تسبح في نزولها بأمر الله كما يقال: الفرس يسبح في جريه إذا أسرع. وقال قتادة: هي النجوم أي تسبح في فلكها.

السابقالتالي
2 3