الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ } * { عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ } * { ٱلَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ } * { كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ } * { ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ } * { أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ مِهَٰداً } * { وَٱلْجِبَالَ أَوْتَاداً } * { وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً } * { وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً } * { وَجَعَلْنَا ٱلَّيلَ لِبَاساً } * { وَجَعَلْنَا ٱلنَّهَارَ مَعَاشاً } * { وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً } * { وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً } * { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلْمُعْصِرَاتِ مَآءً ثَجَّاجاً } * { لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً } * { وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً }

وقف يعقوب على { عم } بالهاء. الباقون بلا هاء.

وقرأ ابن عامر { كلا ستعلمون } بالتاء على الخطاب فيهما أي قل لهم ستعلمون عاقبة أمركم. الباقون - بالياء - على الغيبة، وهو الأقوى لقوله { عم يتساءلون } وقوله { الذي هم فيه مختلفون } ولم يقل أنتم، وإن كانت التاء جائزة لان العرب تنتقل من غيبة إلى خطاب، ومن خطاب إلى غيبة.

قيل فى سبب نزول هذه الآية: إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا حدّث قريشاً وعرّفهم أخبار الامم السالفة ووعظهم كانوا يهزؤن بذلك، فنهاه الله تعالى أن يحدثهم فقالوقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزء } إلى قولهحتى يخوضوا في حديث غيره } فكان رسول الله صلى الله عليه وآله يحدث اصحابه فاذا أقبل واحد من المشركين أمسك فاجتمعوا على بكرة أبيهم وقالوا: والله يا محمد إن حديثك عجب، وكنا نشتهي أن نسمع كلامك وحديثك، فقال إن ربي نهاني أن أحدثكم، فأنزل الله تعالى { عم يتساءلون عن النبأ العظيم } وقوله { عم يتساءلون } أصله عن ما، فحذفت الألف لاتصالها بحرف الجر حتى صارت كالجزء منه لتدل على شدة الاتصال مع تخفيف المركَب فى الكلام، فحذف حرف الاعتلال وأدغمت النون فى الميم لقربها منها من غير أخلال، وصورته صورة الاستفهام والمراد تفخيم القصة والانكار والتهديد. وقوله { يتساءلون } معناه عن ماذا يسأل بعضهم بعضاً، فالتساؤل سؤال احد النفيسين للآخر، تساءلا تساؤلا وسأله مسألة، والسؤال طلب الاخبار بصيغة مخصوصة فى الكلام، وكل ما يزجر العقل عنه بما فيه من الداعي الى الفساد لا يجوز السؤال عنه كسؤال الجدل لدفع الحق ونصرة الباطل، وكالسؤال الذي يقتضي فاحش الجواب، لأنه كالامر بالقبيح. والنبأ معناه الخبر العظيم الشأن كمعنى الخبر عن التوحيد فى صفة الاله وصفة الرسول، والخبر عما يجوز عليه وما لا يجوز. وقال مجاهد: النبأ العظيم الشأن القرآن، وقال قتادة وابن زيد: هو السؤال عن البعث بعد الموت، لأنهم كانوا يجمعون على التكذيب بالقرآن { الذي هم فيه مختلفون } قال قتادة: معناه الذي هم فيه بين مصدق ومكذب، فقال الله سبحانه مهدداً لهم ومتوعداً { كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون } ومعنى { كلا } ردع وزجر، كأنه قال أرتدعوا وانزجروا ليس الأمر كما ظننتم. وقال قوم: معناه حقاً سيعلمون عاقبة أمرهم وعائد الوبال عليهم. وقال الضحاك: معناه كلا سيعلم الكفار عاقبة تكذيبهم، وسيعلم المؤمنون عاقبة تصديقهم. وقال قوم: كلا سيعلمون ما ينالهم يوم القيامة من العذاب، ثم كلا سيعلمون ما ينالهم في جهنم من العذاب، فلا يكون تكراراً. والاختلاف ذهاب كل واحد من النفيسين إلى نقيض ما ذهب اليه الآخر، يقال: اختلفا في المعنى فذهب أحدهما إلى كذا، وذهب الآخر إلى كذا.

السابقالتالي
2 3