الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ يَوْمَ ٱلْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً } * { يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً } * { وَفُتِحَتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً } * { وَسُيِّرَتِ ٱلْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً } * { إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً } * { لِّلطَّاغِينَ مَآباً } * { لاَّبِثِينَ فِيهَآ أَحْقَاباً } * { لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلاَ شَرَاباً } * { إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً } * { جَزَآءً وِفَاقاً } * { إِنَّهُمْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ حِسَاباً } * { وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا كِذَّاباً } * { وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً } * { فَذُوقُواْ فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً }

قرأ { وفتحت } بالتخفيف أهل الكوفة إلا الاعشى والبرجمي. الباقون بالتشديد. وقرأ حمزة وروح { لبثين فيها } بغير الف مثل (مزجين، وفرهين) الباقون { لابثين } بألف على اسم الفاعل، وهو الأجود، لأنه من (لبث) فهو (لابث) وحجة حمزة أنه مثل (طمع) و (طامع). واللبث البطئ. وقرأ أهل الكوفة إلا عاصماً عن المفضل " غساقاً " مشددة. الباقون بالتخفيف، وهما لغتان. فالغساق صديد أهل النار - فى قول ابراهيم وقتادة وعكرمة وعطية - وقال أبو عبيدة: الغساق ماء وهو من الغسل أي سيال. وقال غيره: هو البارد. وقيل: المنتن.

يقول الله تعالى { إن يوم الفصل } يعني يوم الدين وهو يوم القيامة الذي يفصل الله فيه بالحكم بين الخلائق { كان ميقاتاً } أي جعله الله وقتاً للحساب والجزاء فالميقات منتهى المقدار المضروب لوقت حدوث أمر من الأمور، وهو مأخوذ من الوقت، كما أن الميعاد من الوعد، والميزان من الوزن والمقدار من القدر. والمفتاح من الفتح.

وقوله { يوم ينفخ في الصور } فالنفخ إخراج ريح الجوف من الفم، ومنه نفخ الزق، والنفخ فى البوق، ونفخ الروح فى البدن يشبه بذلك، لانها تجري فيه كما تجري الريح، يجري مجرى الريح فى الشيء، والصور قرن ينفخ فيه فى حديث مرفوع عن النبي صلى الله عليه وآله وقال الحسن: هو جمع صورة. وبه قال قتادة. ومعناه: إذكر يوم ينفخ فى الصور { فتأتون أفواجاً } فالفوج جماعة من جماعة. والأفواج جماعات من جماعات، فالناس يأتون على تلك الصفة الى أن يتكاملوا فى أرض القيامة. وكل فريق يأتي مع شكله. وقيل تأتي كل أمة مع نبيها، فلذلك جاؤا أفواجاً أي زمراً.

وقوله { وفتحت السماء فكانت أبواباً } معناه وشققت السماء، فكانت كقطع الأبواب. وقيل: صار فيها طرق ولم يكن كذلك قبل.

وقوله { وسيرت الجبال فكانت سراباً } معناه زيلت الجبال عن أماكنها وأذهب بها حتى صارت كالسراب.

وقوله { إن جهنم كانت مرصاداً } إخبار منه تعالى بأن جهنم تكون يومئذ مرصاداً. والمرصاد هو المعد لأمر على ارتقابه الوقوع فيه، وهو مفعال من الرصد. وقيل: المعنى ذات ارتقاب لاهلها تراصدهم بنكالها. والرصد عمل ما يترقب به الاختطاف.

وقوله { للطاغين } يعني جهنم للذين طغوا في معصية الله وتجاوزوا الحد " مآبا " أي مرجعاً، وهو الموضوع الذي يرجع اليه، فكأن المجرم قد كان باجرامه فيها ثم رجع اليها، ويجوز أن يكون كالمنزل الذي يرجع اليه.

وقوله { لابثين فيها أحقاباً } أي ماكثين فيها أزماناً كثيرة، وواحد الاحقاب حقب من قولهأو أمضي حقباً } أي دهراً طويلا. وقيل واحده حقب، وواحد الحقب حقبة، كما قال الشاعر:
وكنا كندماني جذيمة حقبة   من الدهر حتى قيل لن يتصدعا

السابقالتالي
2 3