الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوۤاْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً } * { إِنَّ هَـٰذَا كَانَ لَكُمْ جَزَآءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً } * { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ تَنزِيلاً } * { فَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ ءَاثِماً أَوْ كَفُوراً } * { وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } * { وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَٱسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً } * { إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ يُحِبُّونَ ٱلْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَآءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً } * { نَّحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَآ أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَآ أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً } * { إِنَّ هَـٰذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً } * { وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً } * { يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ وَٱلظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً }

قرأ { عاليهم } باسكان الياء أهل المدينة وحمزة وعاصم - فى رواية حفص وأبان والمفضل - جعلوه اسماً لا ظرفاً كما تقول: فوقك واسع ومنزلك باب البرد، بأن يجعل الباب هو المنزل، وكذلك يجعل الثياب هي العالي. الباقون بالنصب على الظرف، لانه ظرف مكان. وهو الاحسن، لان الثاني غير الأول. وإنما يجوز فى مثل ما كان آخر الكلام هو الأول كقولهم: أمامك صدرك، وفوقك رأسك، فان قلت فوقك السقف وأمامك الأسد بالنصب لا غير. وقرأ نافع وحفص عن عاصم { خضر واستبرق } بالرفع فيهما. وقرأ حمزة والكسائي بالجر فيهما. وقرأ ابن كثير وعاصم - فى رواية أبي بكر { خضر } جراً { واستبرق } رفعاً. وقرأ ابن عامر وابو عمرو { خضر } رفعاً و { استبرق } جراً، من رفعهما جعل { خضر } نعتاً للثياب، وعطف عليه { واستبرق } ومن جرهما جعل { خضر } من نعت { سندس } وعطف عليه { استبرق } وتقديره عاليهم ثياب استبرق. ومن رفع الأول جعله من نعت الثياب وجر الثاني على انه عطف على { سندس } كأن عليهم ثياب سندس. ومن جعل { خضر } نعتاً لـ { سندس } ، فلانه اسم جنس يقع على الجميع، فلذلك قال { خضر } ومن جعله نعتاً للثياب فعلى اللفظ. وقرأ ابن كثير وابو عمرو { وما يشاؤن } بالياء على الخبر عن الغائب. الباقون بالتاء على الخطاب.

لما قال الله تعالى على وجه التعظيم لشأن المؤمنين الذين وصفهم وعظم ما اعطوا من أنواع النعيم والولدان وأنواع الشراب وغير ذلك مما وصف، ووصف ذلك بأنه ملك كبير قال { عاليهم } وقيل معناه عالي حجالهم السندس. وفى نصب { عاليهم } قولان: قال الفراء: هو نصب على الظرف كقولك: فوقهم، وحكى إن العرب تقول: قومك داخل الدار. وانكر الزجاج ذلك، وقال نصبه لا يجوز إلا على الحال من الضمير فى { عاليهم } أو من ضمير الولدان في { رأيتهم } وإنما أنكر ذلك لأنه ليس باسم مكان كقولك هو خارج الدار وداخل الدار، وهذا لا يجوز على الظرف عند سيبويه، وما حكاه الفراء شاذ لا يعول عليه. ومن أسكن الياء أراد رفعه على الابتداء وخبره { ثياب سندس } والسندس الديباج الرقيق الفاخر الحسن وهو (فعلل) مثل برثن. وقوله { خضر } فمن جر جعله صفة لـ { سندس } خضر ووصف { سندس } بخضر وهو لفظ جمع، لان سندساً اسم جنس يقع على الكثير والقليل. ومن رفعه جعله نعتاً لـ { ثياب } كأنه قال: ثياب خضر من سندس. وقوله " واستبرق " من رفعه عطفه على " ثياب سندس " فكأنه قال عاليهم ثياب سندس، وعاليهم استبرق. ومن جره عطفه على " سندس " فكأنه قال: عاليهم ثياب سندس وثياب استبرق.

والاستبرق الديباج الغليظ الذي له بريق، فهم يتصرفون فى فاخر اللباس كما يتصرفون فى لذيذ الطعام والشراب.

السابقالتالي
2 3