الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } * { وَلاَ أُقْسِمُ بِٱلنَّفْسِ ٱللَّوَّامَةِ } * { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ } * { بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ } * { بَلْ يُرِيدُ ٱلإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ } * { يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ ٱلْقِيَامَةِ } * { فَإِذَا بَرِقَ ٱلْبَصَرُ } * { وَخَسَفَ ٱلْقَمَرُ } * { وَجُمِعَ ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ } * { يَقُولُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ ٱلْمَفَرُّ }

قرأ { برق } بفتح الراء اهل المدينة وأبان عن عاصم، الباقون بكسر الراء وقرأ القواس عن ابن كثير { لأقسم } باثبات القسم جعل اللام لام تأكيد، واقسم، والاختيار لمن قصد هذا { لأقسمن } وقد روي ذلك عن الحسن، قال: لان الله تعالى اقسم بيوم القيامة، ولم يقسم بالنفس اللوامة. وقال مقاتل: لم يقسم الله تعالى بالقيامة إلا فى هذه السورة فقط. الباقون { لا أقسم } التقدير بنفي اليمين فى اللفظ واختلف في ذلك النحويون فقال ابو عبيدة والكسائي (لا) صلة والتقدير اقسم. وقال قوم (لا) تزيدها العرب لا إبتداء، لكن (لا) ها هنا رد لقوم انكروا البعث وكفروا بالتنزيل. فقال الله { لا } أي ليس كما تقولون. ثم قال { أقسم بيوم القيامة } قال ابن خالويه: (لا) تنقسم اربعين قسما ذكرته في كل مفرد.

قوله { لا أقسم } معناه اقسم و (لا) صلة في قول سعيد بن جبير. وقال ابن عباس (لا) تأكيد كقولك: لا والله. بلى والله ما كان كذا، فكأنه قال لا، اقسم بيوم القيامة ما الأمر على ما توهموه. والقسم تأكيد الخبر بما جعله في حيز المتحقق. والمعنى اقسم بيوم القيامة ويوم القيامة هو النشأة الاخيرة التي تقوم فيها الناس من قبورهم للمجازاة، وبذلك سميت القيامة، ويومها يوم عظيم، على خطر عظيم جسيم.

وقوله { ولا أقسم بالنفس اللوامة } قسم ثان، ومعناه معنى الاول. وقال الحسن: أقسم تعالى بيوم القيامة ولم يقسم بالنفس اللوامة، بل نفى ان يقسم بها. قال الرماني: وهذا يضعف، لانه يخرج عن تشاكل الكلام. وقيل: ان جواب القسم محذوف، وتقديره ما الامر على ما تتوهمون. وقال قوم: جواب القسم قوله { بلى قادرين }.

واللوامة الكثيرة اللوم لقلة رضاها بالأمر وتمييز ما يرضى مما لا يرضى، وما يلام عليه مما لا يلام عليه. وقال ابن عباس: اللوامة من اللوم. وقال مجاهد: تلوم على ما مضى وفات. وقال قتادة: اللوامة الفاجرة، كأنه قال ذات اللوام الكثير. وقال سعيد بن جبير: هي التي تلوم على الخير والشر وقيل: معناه لا صبر لها على محن الدنيا وشدائدها، فهي كثيرة اللوم فيها. وقال الحسن: اللوامة هي التي تلوم نفسها على ما ضيعت من حق الله يوم القيامة، وهي نفس الكافر. وقيل: معناها أنها تلوم نفسها في الآخرة على الشر لم عملته وعلى الخير هلا استكثرت منه.

وقوله { أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه } صورته صورة الاستفهام ومعناه الانكار على من أنكر البعث والنشور، فقال الله له ايظن الانسان الكافر أن لن نجمع عظامه ونعيده إلى ما كان أولا عليه. ثم قال: ليس الأمر على ما ظنه { بلى قادرين على أن نسوي بنانه } قال ابن عباس: يجعل بنانه كالخف والحافر فيتناول المأكول بفيه، ولكننا مننا عليه.

السابقالتالي
2