الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ ٱلتَّرَاقِيَ } * { وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ } * { وَظَنَّ أَنَّهُ ٱلْفِرَاقُ } * { وَٱلْتَفَّتِ ٱلسَّاقُ بِٱلسَّاقِ } * { إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمَسَاقُ } * { فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّىٰ } * { وَلَـٰكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } * { ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰ أَهْلِهِ يَتَمَطَّىٰ } * { أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ } * { ثُمَّ أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ } * { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى } * { أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَىٰ } * { ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّىٰ } * { فَجَعَلَ مِنْهُ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ } * { أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِـيَ ٱلْمَوْتَىٰ }

قرأ ابن عامر وحفص ورويس { من مني يمنى } بالياء على التذكير ردّوه إلى المني. الباقون بالتاء حملا على النطفة.

يقول الله تعالى { كلا إذا بلغت } يعني النفس أو الروح، ولم يذكر لدلالة الكلام عليه كما قالما ترك على ظهرها } يعني على ظهر الأرض. وإنما لم يذكر لعلم المخاطب به، و { التراقي } جمع ترقوة وهي مقدم الحلق من أعلى الصدر، تترقى اليه النفس عند الموت، واليها يترقى البخار من الجوف، وهناك تقع الحشرجة، وقوله { وقيل من راق } فالراق طالب الشفاء يقال: رقاه يرقيه رقية إذا طلب له شفاء باسماء الله الجليلة وآيات كتابه العظيمة. وأما العوذة فهي رفع البلية بكلمات الله تعالى. وقال ابو قلابة والضحاك وابن زيد وقتادة: معنى { راق } طبيب شاف. أي اهله يطلبون له من يطببه ويشفيه ويداويه فلا يجدونه. وقال ابن عباس وابو الجوزاء: معناه قالت الملائكة: من يرقا بروحه أملائكة الرحمة أم ملائكة العقاب. وقال الضحاك: أهل الدنيا يجهزون البدن، وأهل الآخرة يجهزون الروح.

وقوله { وظن أنه الفراق } معناه علم عند ذلك انه فراق الدنيا والاهل والمال والولد. والفراق بعاد الالاف وهو ضد الوصال يقال: فارقه يفارقه فراقاً. وقد صار علماً على تفرق الاحباب وتشتت الالاف.

وقوله { والتفت الساق بالساق } قال ابن عباس ومجاهد: معناه التفت شدة أمر الآخرة بأمر الدنيا. وقال الحسن: التفت حال الموت بحال الحياة. وقال الشعبي وابو مالك: التفت ساقا الانسان عند الموت - وفي رواية أخرى عن الحسن - انه قال: إلتفات الساقين في الكفن. وقيل: ساق الدنيا بساق الآخرة. وهو شدة كرب الموت بشدة هول المطلع. وقال الحسن: معناه التفت شدة أمر الدنيا بشدة أمر الآخرة. وقيل: معناه اشتداد الأمر عند نزع النفس حتى التفت ساق على ساق عند تلك الحال، يقولون: قامت الحرب على ساق عند شدة الأمر قال الشاعر:
فاذا شمرت لك عن ساقها   فويهاً ربيع ولا تسأم
وقوله { إلى ربك يومئذ المساق } معناه إن الخلائق يساقون إلى المحشر الذي لا يملك فيه الأمر والنهي غير الله. والمساق مصدر مثل السوق.

وقوله { فلا صدق ولا صلى } قال الحسن: معناه لم يتصدق ولم يصل { ولكن كذب } بالله { وتولى } عن طاعته. وقال قوم { فلا صدق } بربه { ولا صلى } وقال قتادة: معناه فلا صدق بكتاب الله ولا صلى لله { ولكن كذب } به { وتولى } عن طاعته. وقال قوم: معناه { فلا صدق } بتوحيد الله، ولا نبيه بل كذب به. والصدقة العطية للفقراء والزكاة الصدقة الواجبة على المال المعلق بنصاب مخصوص. والصلاة عبادة أولها التكبير وآخرها التسليم، وفيها قراءة وأركان مخصوصة. والتولي هو الاعراض عن الشيء، فلما كان هذا الجاهل معرضاً عن الحق بتركه الى خلافه من الباطل لزمه الذم بهذا الوصف.

السابقالتالي
2 3