الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ } * { قُمِ ٱلَّيلَ إِلاَّ قَلِيلاً } * { نِّصْفَهُ أَوِ ٱنقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً } * { أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ ٱلْقُرْآنَ تَرْتِيلاً } * { إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً } * { إِنَّ نَاشِئَةَ ٱللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيلاً } * { إِنَّ لَكَ فِي ٱلنَّهَارِ سَبْحَاً طَوِيلاً } * { وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً } * { رَّبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَٱتَّخِذْهُ وَكِيلاً } * { وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً }

قرأ ابن عامر وابوعمرو (وطاء) بكسر الواو والمد جعله مصدرا ل (واطأ) يواطئ مواطأة، ووطاء. ومعناه إن ناشئة الليل وعمل ناشئة الليل يواطئ لسمع القلب اكثر مما يواطئ ساعات النهار، لان البال افرغ للانقطاع عن كثير مما يشغل بالنهار. الباقون - بفتح الواو - مقصورة، وروي عن الزهري - بكسر الواو - مقصورة، ومنه قوله صلى الله عليه وآله: " اللهم اشدد وطاءك على مضر " ، وقرأ { رب المشرق } بالجر كوفي غير حفص ويعقوب بدلا من (ربك). الباقون بالرفع على الاستئناف، فيكون رفعا بالابتداء وخبره (لا إله إلا هو) ويجوز أن يكون خبر الابتداء بتقدير هو رب المشرق.

هذا خطاب من الله تعالى للنبي صلى الله عليه وآله وقيل: إن المؤمنين داخلون فيه على وجه لتبع. يقول الله له { يا أيها المزمل } ومعناه الملتف في ثيابه، يقال تزمل في ثيابه، فهو متزمل إذا التف. والاصل (متزمل) فأدغم التاء في الزاي لان الزاي قريبة المخرج من التاء، وهو ابدى في المسموع من التاء. وقال قتادة: معناه المتزمل بثيابه، وقال عكرمة: المتزمل بعباء النبوة، وكل شئ لفف، فقد تزمل، قال امرء القيس:
كأن اباناً في أفانين ودقه   كبير اناس في بجاد مزمل
يعني كبير اناس مزمل في بجاد وهو الكساء، وجره على المجاورة للبجاد.

وقوله { قم الليل إلا قليلاً } أمر من الله تعالى للنبي صلى الله عليه وآله بقيام الليل إلا القليل منه، وقال الحسن: إن الله فرض على النبي والمؤمنين أن يقوموا ثلث الليل فما زاد، فقاموه حتى تورمت أقدامهم، ثم نسخ تخفيفاً عنهم. وقال غيره: هو نفل لم ينسخ، لانه لو كان فرضاً لما كان مخيراً في مقداره - ذكره الجبائي - وإنما بين تخفيف النفل. وقال قوم: المرغب فيه قيام ثلث الليل او نصف الليل او الليل كله إلا القليل. ولم يرغب بالآية في قيام جميعه لانه تعالى قال { إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلاً أو زد عليه } يعني على النصف. وقال الزجاج { نصفه } بدل من { الليل } كقولك ضربت زيداً رأسه. والمعنى: قم نصف الليل إلا قليلا او انقص منه قليلا. والمعنى قم نصف الليل او انقص من نصف الليل أو زد على نصف الليل، وذلك قبل ان يتعبد بالخمس صلوات. وقال ابن عباس والحسن وقتادة: كان بين أول السورة وآخرها - الذي نزل فيه التخفيف - سنة. وقال سعيد بن جبير: عشر سنين. وقال الحسن وعكرمة: نسخت الثانية بالأولى. والاولى أن يكون على ظاهره، ويكون جميع ذلك على ظاهره مرغباً في جميع ذلك إلا أنه ليس بفرض وإن كانت سنة مؤكدة.

السابقالتالي
2 3