الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ إِنِّي لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ رَشَداً } * { قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ ٱللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً } * { إِلاَّ بَلاَغاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِسَالاَتِهِ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً } * { حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً } * { قُلْ إِنْ أَدْرِيۤ أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّيۤ أَمَداً } * { عَٰلِمُ ٱلْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَداً } * { إِلاَّ مَنِ ٱرْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً } * { لِّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُواْ رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَىٰ كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً }

قرأ { ليعلم } بضم الياء يعقوب. الباقون بفتح الياء. أمر الله تعالى نبيه محمد صلى الله عليه وآله أن يقول للمكلفين { إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً } ومعناه إني لا أقدر على دفع الضرر عنكم ولا إيصال الخير اليكم، وانما يقدر على ذلك الله تعالى. وانما أقدر على أن ادعوكم الى الخير وأهديكم الى طريق الرشاد، فان قبلتم نلتم الثواب والنفع، وان رددتموه نالكم العقاب وأليم العذاب، ثم قال ايضاً { قل } لهم يا محمد { إني لن يجيرني من الله أحد } أي لا يقدر أن يجير على الله حتى يدفع عنه ما يريده به من العقاب { ولن أجد } أيضاً انا { من دنه } أي من دون الله { ملتحداً } يعنى ملتجأ ألجأ اليه أطلب به السلامة مما يريد الله تعالى فعله من العذاب والألم. وأضافه الى نفسه، والمراد به أمته، لانه لا يفعل قبيحاً فيخاف العقاب. والمعنى ليس من دون الله ملتحد أى ملجأ.

وقوله { الإبلاغ من الله ورسالاته } معناه لكن املك البلاغ من الله الذي هو بلاغ الحق لكل من ذهب عنه وأعرض عن اتباعه بأن أرشده الى الأدلة التي نصبها الله له وأمر بالدعاء إليها سائر عباده المكلفين، كما أمر أنبياءه بتبليغ رسالاته، فيكون التقدير لا أملك إلا بلاغاً من الله ورسالاته. وقيل يجوز ان يكون المراد لن يجيرني من الله أحد إن لم أبلغ رسالاته، فيكون نصب البلاغ على اضمار فعل من الجزاء، كقولك إن لا قياماً فقعوداً وان لاعطاء فرداً جميلاً فتكون (لا) منفصلة من (إن) وتقديره إن لا أبلغ بلاغاً من الله ورسالاته.

ثم قال { ومن يعص الله ورسوله } بأن خالف ما أمراه به وارتكب ما نهياه عنه { فإن له نار جهنم } جزاء على ذلك { خالدين فيها أبداً } أي مقيمين فيها على وجه التأبيد والقراء على كسر { فإن } على الابتداء. وروي عن طلحة بن مصروف انه فتح على تقدير فجزاءه أن له. وقال ابن خالويه: سألت ابن مجاهد عن ذلك، فقال: هو لحن. وقال بعض أهل النظر: زعم ابو عبيدة: ان ما كان من قول الجن فهو مكسور نسقاً على قوله { إنا سمعنا } ومن فتح فعلى قوله { قل أوحي إلي } وهو اختيار ابن خالويه.

وقوله { حتى إذا رأوا ما يوعدون } يعني ما يوعدون به من العقاب على المعاصي { فسيعلمون } عند ذلك { من أضعف ناصراً } يدفع عنه عقاب الله ومن { أقل عدداً } يستنصر بهم آلكفار أم المؤمنون؟. وقيل معناه أجند الله أم الذين عبده المشركون؟ وإنما قال { من أضعف ناصراً } ولا ناصر لهم فى الآخرة، لأنه جاء على جواب من توهم انه إن كانت لهم أخوة فناصرهم أقوى وعددهم اكثر.

السابقالتالي
2