الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ ٱلْجِنِّ فَقَالُوۤاْ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً } * { يَهْدِيۤ إِلَى ٱلرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَداً } * { وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا ٱتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً } * { وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى ٱللَّهِ شَطَطاً } * { وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ ٱلإِنسُ وَٱلْجِنُّ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } * { وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ ٱلإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ ٱلْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً } * { وَأَنَّهُمْ ظَنُّواْ كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ ٱللَّهُ أَحَداً } * { وَأَنَّا لَمَسْنَا ٱلسَّمَآءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً } * { وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ ٱلآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً } * { وَأَنَّا لاَ نَدْرِيۤ أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي ٱلأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً }

قال الفراء: قرأ حوبة بن عابد { قل أحي إلي } أراد وحي اليّ مثل وعد فقلبت الواو همزة، كما قلبها فى قولهوإذا الرسل أقتت } وأصله وقتت. والعرب تقول: وحيت اليه، واوحيت بمعنى واحد وومأت اليه وأومات، قال الراجز:
وحى لها القرار فاستقرت   
وقرأ ابن كثير وابو عمرو { قل أوحي إلي أنه استمع } و { أن لو استقاموا } { وأن المساجد لله } و { أنه لما قام عبد الله } أربعة أحرف - بفتح الالف - والباقي من أول السورة الى ها هنا بكسر الالف. وقرأ نافع وعاصم فى رواية أبي بكر كذلك، إلا قوله { وأنه لما قام عبد الله } فانه قرأ بالكسر. الباقون بفتح جميع ذلك إلا ما جاء بعد (قول) او (فاء جزاء) فانهم يكسرونه. من فتح جميع ذلك جعله عطفاً علي { أوحي إليّ أنه } وأنه. ومن كسر عطف على قوله { إنا } وإنا. قال قوم: ومن نصب فعلى تقدير آمنا به وبكذا فعطف عليه. قال الزجاج: إن عطف على الهاء كان ضعيفاً، لان عطف المظهر على المضمر ضعيف، ومن جعله مفعول { آمنا } فنصبه به كأنه قال: آمنا بكذا وكذا، وأسقط الباء فنصب على المعنى، لأن معنى { آمن } صدق، فكأنه قال: صدقنا بكذا وكذا، وحذف الجار. ومن كسر من هؤلاء بعد القول أو فاء الجزاء، فلأنه لا يقع بعد القول والفاء إلا ما هو ابتداء، أو ما هو فى حكم الابتداء. ومن كسر جميع ذلك جعله مستأنفاً، ولم يوقع { آمنا } عليه، وما نصب من ذلك جعله مفعولا بايقاع فعل عليه. فأما قوله { أوحي إلي أنه استمع } فمفعول { أوحي } لا غير بلا خلاف. وقرأ ابو جعفر { أن لن تقوّل الإنس } على معنى تكذب. الباقون بتخفيف الواو من القول.

يقول الله تعالى آمراً لمحمد نبيه صلى الله عليه وآله { قل } يا محمد لقومك ومن بعثت اليه { أوحي إلي } فالايحاء القاء المعنى إلى النفس خفياً كالالهام، وانزال الملائكة به لخفائه عن الناس إلا على النبي الذي انزل اليه كالايماء الذي يفهم به المعنى. والمراد - ها هنا - انزال الملك به عليه. ثم بين ما أوحي اليه فقال { انه استمع نفر من الجن } فالاستماع طلب سماع الصوت بالاصغاء اليه، وهو تطلب لفهم المعنى، وتطلب ليستدل به على صاحبه. وقيل: ان الجن لما منعوا من استراق السمع طافوا فى الارض، فاستمعوا القرآن، فآمنوا به، فانزل بذلك الوحي على النبي صلى الله عليه اله ذكره ابن عباس ومجاهد والضحاك وغيرهم. والنفر الجماعة. والجن جيل رقاق الاجسام خفية على صور مخصوصة بخلاف صورة الملائكة والناس. وقيل: العقلاء من الحيوان ثلاثة اصناف: الملائكة، والناس، والجن. والملك مخلوق من النور، والانس من الطين والجن من النار.

السابقالتالي
2 3 4