قرأ { نزاعة } - بالنصب - حفص عن عاصم على الحال. الباقون بالضم جعلوه بدلا من (لظى) و (لظى) اسم من اسماء جهنم معرفة، و { نزاعة } نكرة فلذلك نصبه حفص على الحال ومن جعلها بدلا من (لظى) وتقديره كلا إنها لظى، كلا إنها نزاعة للشوى، وضعف أبو علي نصبه على الحال، قال: لانه ليس في الكلام ما يعمل فى الحال، ولظى اسم معرفة لا يمكن أن يكون بمعنى التلظي، فلا يعمل فيه الاعلى وجه ضعيف بأن يقال: مع انها معرفة فمعناها بمعنى التلظي. قال والاجود أن ينصب بفعل آخر، وتقديره أعني نزاعة. لما وصف الله تعالى القيامة وأهوالها، واخبر أن الحميم لا يسأل حمياً لشغله بنفسه، قال { يبصرونهم } قال ابن عباس وقتادة: يعرف الكفار بعضهم بعضاً، ثم يفر بعضهم عن بعض، وقال مجاهد: يعرفهم المؤمنون، وقال قوم: يعرف اتباع الضلال رؤساءهم، وقول ابن عباس أظهر، لأنه عقيب ذكر الكفار. وقال هو كناية ينبغي ان يرجع اليهم. وقوله { يودّ المجرم لو يفتدى من عذاب يومئذ ببنيه } أى يتمنى العاصي، فالمودة مشتركة بين التمنى وبين المحبة تقول: وددت الشيء إذا تمنيته ووددته إذا احببته أود فيهما جميعاً، وصفة ودود من المحبة. وقوله { لو يفتدي } ، فالافتداء افتداء الضرر عن الشيء يبدل منه، فهؤلاء تمنوا سلامتهم من العذاب النازل بهم باسلام كل كريم عليهم. والفرق بين { يود لو يفتدي } و { يود أن يفتدي } أن (لو) تدل على التمني من جهة أنها لتقدير المعنى، وليس كذلك (أن) لانها لاستقبال الفعل و (لو) للماضي، فلما كان الاعتماد على تصور المعنى صار في حكم الواقع، فلو قال قائل: حسبت أن يقوم زيد، لما دل على التمنى، ولو قال حسبت لو يقوم زيد لدل على التمني فبان الفرق بينهما. وقوله { ببنيه } يعني بأولاده الذكور { وصاحبته } يعني زوجته { وأخيه } يعني ابن أبيه وأمه { وفصيلته التي تؤويه } فالفصيلة هي المنقطعة عن جملة القبيلة برجوعها إلى ابوة خاصة، وهي الجماعة التي ترجع إلى أبوة خاصة عن ابوة عامة { ومن في الأرض جميعاً ثم ينجيه } أى يتمنى هذا الكافر بان يتخلص من بعذاب الله بأن يفتدى بهؤلاء كلهم، فقال الله تعالى { كلا } أى ليس ينجيه من عقاب الله شيء وقال الزجاج { كلا } ردع وتنبيه أى لا ينجيه احد من هؤلاء فارتدعوا. وقوله { إنها لظى } فلظى اسم من اسماء جهنم مأخوذ من التوقد، ومنه قوله{ فأنذرتكم ناراً تلظى } وموضع { لظى } رفع، لأنها خبر (ان) و { نزاعة للشوى } خبر آخر - على قول من رفع - ومن نصب جعله حالا، ويجوز أن تكون الهاء في { إنها } عماداً، و { لظى } ابتداء وخبرها { نزاعة } إذا رفع، قال الزجاج: ويجوز أن يكون كقولهم: هذا حلو حامض، وتقديره النار لظى، وهي انزاعة ايضاً.