الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ ٱلْجَهْرِ مِنَ ٱلْقَوْلِ بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ وَلاَ تَكُنْ مِّنَ ٱلْغَافِلِينَ }

امر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله أن يذكره على حال التضرع والمراد به الأمة. ونصب { تضرعاً } على الحال، وعلى وجه الخوف من عذابه، والخيفة هو الخوف ويكون دعاؤه خالصاً لله ويفعل هذا الدعاء { بالغدو } وهو أول النهار، { والآصال } وهو جمع اصل. والاصل جمع الاصيل، فالآصال جمع الجمع وتصغيره أصيلال على بدل النون. وقال قوم: هو جمع اصل، والاصل يقع على الواحد والجمع ومعناه العشيات، وهو ما بين العصر إلى غروب الشمس.

وقال ابن زيد: الخطاب متوجه إلى المستمع للقرآن إذا تلي ثم اكد توصيته له في الدعاء بقوله { ولا تكن من الغافلين } والمعنى لا تكن من الغافلين عما امرتك به من الدعاء له والذكر لله. وقال الجبائي: في الآية دليل على ان الذين يرفعون اصواتهم بالدعاء ويجهرون بها مخطؤن على خلاف الصواب.

ومن قرأ " خفية " اراد اخف الدعاء واترك الاجهار، وهو تأكيد لما امر به من الدعاء إخفاء

وقوله { ودون الجهر } يعني دعاء باللسان في خفاء الاجهار.

وقال قوم: الآية متوجهة إلى من أمر بالاستماع للقرآن والانصات له الذين كانوا اذا سمعوا القرآن رفعوا اصواتهم بالدعاء عند ذكر الجنة او النار - ذهب اليه ابن زيد ومجاهد وابن جريج، واختاره الطبري - والاولى ان يكون ذلك متوجهاً إلى النبي، والمراد به جميع الامة، فانه اكثر فائدة.

وإنما امره بالذكر في النفس وإن كان لا يقدر عليه العبد لامرين:

أحدهما - ان المراد به التعرض للذكر من جهة الفكر، وهذا في الذكر المضاد للسهو.

الثاني - انه امر بالذكر الذي هو القول فيما يخفى كحديث النفس.