قرأ نافع { لا يتبعوكم } وفي الشعراء { يتبعهم } بالتخفيف. الباقون بالتشديد وهما لغتان، وبالتشديد اكثر. قال ابو زيد تقول: رأيت القوم فأتبعتهم إتباعاً إذا سبقوك فأسرعت نحوهم ومروا علي فاتبعتهم اتباعاً إذا ذهبت معهم ولم يسبقوك، قال: وتبعتهم اتبعهم تبعاً مثل ذلك. وفي الآية توبيخ من الله وتعنيف للمشركين، وإن خرج مخرج الاستفهام، بأنهم يعبدون مع الله جماداً لا يخلق شيئاً من الاجسام ولا ما يستحق به العبادة، وهم مع ذلك مخلوقون محدثون ولهم خالق خلقهم. ونبههم بذلك على انه لا ينبغي أن يعبد إلا من يقدر على إنشاء الاجسام واختراعها وخلق اصول النعم التي يستحق بها العبادة، وان ذلك لا يقدر عليه إلا الله تعالى الذي ليس بجسم، والقادر لنفسه، ثم بيّن أن هذه الاشياء التي يعبدونها ويتخذونها آلهة واشركوا بها مع الله تعالى لا تقدر لمن عبدها واتخذها إلهاً على نفع ولا على ضر ولا أن ينصروهم، ولا ان ينصروا انفسهم إن اراد بهم غيرهم سوءاً، ومن هذه صورته فهو على غاية العجز، ولا يجوز أن يكون إلهاً. وإنما يجب ان يكون كذلك من يقدر على الضر والنفع ونصرة اوليائه. وقوله تعالى { وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم } معناه إن الاصنام والأوثان التي كانوا يعبدونها ويتخذونها آلهة إن دعوها إلى الهدى والرشد لم يستمعوا ذلك، ولا تمكنوا من اتباعهم، لأنها جمادات لا تفقه ولا تعقل - في قول ابي وغيره - وقال الحسن: إن ذلك راجع إلى قوم من المشركين قد عموا بالكفر فهم لا يعلمون. ثم قال { سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون } يعني سواء عندها دعاؤها والسكوت عنها لكونها جماداً لا تعقل وإنما قال { أم أنتم صامتون } ولم يقل أم صمتم ليكون في مقابلة { أدعوتموهم } فيفيد الماضي والحال لأن المقابلة دلت على معنى الماضي، واللفظ يدل على معنى الحال، وعليه أكثر الكلام يقولون: سواء علي أقمت أم قعدت، ولا يقولون أقمت أم أنت قاعد، قال الشاعر: