الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَماَّ تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّآ أَثْقَلَتْ دَّعَوَا ٱللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ } * { فَلَمَّآ آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَآءَ فِيمَآ آتَاهُمَا فَتَعَالَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }

قرأ اهل المدينة وابو بكر وعكرمة والاعرج " شركاً " بكسر الشين منوناً الباقون بضم الشين على الجمع. وقرا ابن يعمر " فمرت " بتخفيف الراء وهو شاذ.

قال ابو علي الفارسي: من قرا " شركاً " بكسر الشين منوناً - حذف المضاف كأنه اراد جعلا له ذا شرك اي ذا نصيب او ذوي شرك، ويكون كقول من جمع فالقراءتان يؤلان إلى معنى واحد. والضمير في قوله { له } يعود إلى اسم الله كأنه قال جعلا لله شركاء.

وقال ابو الحسن: كان ينبغي لمن قرأ - بكسر الشين - أن يقول جعلا لغيره شركا. وقول من قرا { جعلا له شركاء } يجوز ان يريد جعلا لغيره فيه شركاء, فحذف المضاف، فالضمير على هذا ايضاً في { له } راجع إلى الله تعالى. وقال ابو علي يجوز ان يكون الكلام على ظاهره، ولا يقدر حذف المضاف في قوله تعالى { جعلا له } وانت تريد لغيره ولكن يقدر حذف المضاف الى شرك فيكون المعنى جعلا له ذوي شرك، واذا جعلا له ذوي شرك كان في المعنى مثل لغيره شركاً، فلا يحتاج إلى تقدير جعلا لغيره شركاً.

قال ابو علي: ويجوز ان يكون قوله تعالى { جعلا له شركاء } جعل احدهما له شركاء او ذوي شرك فحذف المضاف واقام المضاف اليه مقامه كما حذف من قوله تعالى { لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم } والمعنى على رجل واحد من احد رجلي القريتين. وحكى الازهري ان الشرك والشريك واحد ويكون بمعنى النصيب.

قوله { هو الذي } كناية عن الله تعالى وإخبار عن الذي خلق البشر من نفس واحدة وهي آدم وخلق منها زوجها يعني حواء.

وقيل: انه خلقها من ضلع من اضلاعه وبين انه إنما خلقها ليسكن اليها آدم ويأنس بها.

وقوله { فلما تغشاها } معناه لما وطأها وجامعها. وقيل: تغشاها بدنوه بها لقضاء حاجة، فقضى حاجته منها { حملت } ففي الكلام حذف { حملت حملاً خفيفاً } لأن الحمل اول ما يكون خفيفاً، لانه الماء الذي يحصل في رحمها. والحمل - فتح الحاء ما كان في الجوف وكذلك ما كان على نخلة او شجرة فهو مفتوح. - وبكسر الحاء - ما كان من الثقل على الظهر.

وقوله تعالى { فمرت به } معناه استمرت به وقامت وقعدت وقيل: شكت له وآلمها ثقلها. ومن خفف الراء اراد شكت ومارت فلم تدر هي حامل ام لا. وقال الحسن أغلاماً ام جارية.

وقوله تعالى { فلما اثقلت } اي صارت ذات ثقل كما يقال اثمر اي صار ذا ثمر، وذلك قرب ولادتها. { دعوا الله ربهما } يعني آدم وحواء دعوا الله اي سألاه { لئن آتيتنا صالحاً } اي لو أعطيتنا ولداً صالحاً.

السابقالتالي
2 3