اخبر الله تعالى انه قطع بني اسرائيل يعنى فرقهم فرقاً في الارض { أمماً } يعني جماعات شتى متفرقين في البلاد، وهو قول ابن عباس، ومجاهد، وعلى اي وجه فرقهم؟ قيل فيه قولان: احدهما - فرقهم حتى تشتت امرهم وذهب عزهم عقوبة لهم. الثاني - فرقهم على ما علم انه اصلح لهم في دينهم. ثم اخبر عنهم فقال: من هؤلاء الصالحون يعني من بني اسرائيل الصالحون، وهم الذين يؤمنون بالله ورسله، ومنهم دون ذلك يعني دون الصالح، وإنما وصفهم بذلك لما كانوا عليه قبل ارتدادهم عن دينهم، وقبل كفرهم بربهم، وذلك قبل ان يبعث فيهم عيسى عليه السلام. وقوله: { وبلوناهم بالحسنا والسيئات } معناه اختبرناهم بالرخاء في العيش والحفض في الدنيا والدعة والسعة في الرزق، وهي الحسنات. ويعني بالسيئات الشدائد في الحبس والمصائب في الأنفس والأموال { لعلهم يرجعون } اي لكي يرجعوا الى طاعته وينيبوا إلى إمتثال امره. فان قيل كيف قال: لكي يرجعوا الى الحق. وهم لم يكونوا عليه قط؟! قلنا عنه جوابان: احدهما - انهم مارون على وجوههم إلى جهة الباطل فدعوا الى الرجوع الى جهة الحق لأن الانصراف عن الباطل رجوع إلى الحق. الثاني - انهم ولدوا على الفطرة وهي دين الحق الذي يلزمهم الرجوع اليه.