الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُوۤاْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ }

هذا اخبار من الله تعالى عن ما قال قوم موسى لموسى بأنا اوذينا من قبل أن تأتينا بالرسالة. والاذى ضرر لا يبلغ بصاحبه ان يأتي على نفسه، تقول: آذاه يؤذيه اذى وتأذى به تأذيا، ومثله آلمه يؤلمه ايلاما وتألم به تألما. والاذى الذي كان بهم قيل: هو استعباد فرعون اياهم وقتل ابنائهم واستحياء نسائهم للاستخدام. والذي كان بعد مجيء موسى الوعيد لهم بتجديد ذلك العذاب من فرعون والتوعيد عليه، وكان هذا على سبيل الاستبطاء منهم لما وعدهم فجدد الوعد لهم وحققه، وقال الحسن: كان يأخذ منهم الجزية.

وقوله { قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم } قال سيبويه: لعل وعسى طمع واشفاق، وقال الحسن (عسى) من الله واجبة، وبه قال الزجاج. وقال ابو علي الفارسي { عسى } ها هنا يقين.

وقوله { ويستخلفكم في الأرض } قال أبو علي: استخلفوا في مصر بعد موت موسى (ع) في التيه. ثم فتح الله لهم بيت المقدس مع يوشع بن نون. ثم فتح الله لهم مصر وغيرها في زمن داود وسليمان، فملكوها في ذلك الزمان على ما وعدوا به من الاستخلاف.

وقوله تعالى { فينظروا كيف تعملون } قيل: ان معنى ينظر - ها هنا - يعلم، وقيل يرى وكلا منهما مجاز لان النظر هو الطلب لما يدرك وهذا لا يجوز عليه تعالى، ولكنه جاء على قولهولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين } وفائدة الآية تسلية موسى (ع) لقومه بما وعدهم عن الله من اهلاك فرعون وقومه وجعل قومه بدلا منهم ليعملوا بطاعته.