الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلاَ تُضَآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُواْ عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُوْلاَتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُواْ عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ } * { لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّآ آتَاهُ ٱللَّهُ لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَآ آتَاهَا سَيَجْعَلُ ٱللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً } * { وَكَأِيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُّكْراً } * { فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً } * { أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ يٰأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَدْ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً }

خمس آيات فى الكوفي والبصرى والمدني الأخير: وست آيات فى المدني الاول. عدّوا { يا أولي الألباب } رأس آية.

قرأ { من وجدكم } بكسر الواو، روح. الباقون بضمها، و هما لغتان. وحكى الفراء - فتح الواو - لغة ولم يحك الكسر. وحكى الزجاج: الكسرة ولم يحك بالفتحة. وقرأ ابن كثير { وكأين } خفيفة على وزن { كاهن } الباقون { كأين } مشددة الياء، والأصل (أى) إلا انه حذف للتضعيف، كما يحذف من رب، وقدمت الياء وأخرت الهمزة نحو شاك وشائك. ثم قلبت الياء ألفاً، لانها فى موضع حركة وقبلها فتحة نحو: رمي، وإنما احتمل هذا التغيير للعدول به عن معنى الاستفهام إلى معنى { كم } فى التكثير على وجه الابهام. وقال قوم: فى { كأين } لغتان { كأين } مشددة الياء و (كاين) على وزن (قايل) وقد قرأ بهما. وحكي ان أهل الحجاز يقولون: بكاين تبيع هذا الثوب. أي بكم تبيعه.

يقول: الله تعالى مخاطباً لمن طلق زوجته يأمره أن يسكنها حيث يسكنه، وقد بينا أن السكنى والنفقة يجب للرجعية بلا خلاف. فاما البائنة فلا سكنى لها ولا نفقة - عندنا - وهذا مذهب الحسن. وقد روت فاطمة بنت قيس عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال: " لا نفقة للمبتوتة " وقال الشافعي ومالك لها السكنى والنفقة وهو قول معاوية وابن مسعود وعمر بن الخطاب.

وقوله { من وجدكم } قال السدي معناه من ملككم. وقال ابن زيد: هو إذا قال صاحب المسكن لا أترك هذه فى بيتي فليس من وجده. ويجوز له حينئذ أن ينقلها إلى غيره، والوجد ملك ما يجده المالك، وذلك أنه قد يملك المالك ما يغيب عنه. وقد يملك ما هو حاضر له، فذلك وجده، يقال: وجدت فى المال وجداً ووجدة، ووجدت الضالة وجداناً، ووجدت الرجل صالحاً وجوداً.

وقوله { ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن } معناه لا تدخلوا الضرر عليهن بالتقصير فى النفقة والسكنى والكسوة وحسن العشرة لتضيقوا عليهن فى السكنى والنفقة، وأمر بالسعة. والمضارة المعاملة بما يطلب به ايقاع الضرر والمضارة المعاملة بما يطلب به إيقاع الضرر بصاحبه. وقد تكون المضارة من واحد كما يقال: طارقت النعل، وعافاه الله، ويمكن أن يكون من كل واحد منهما لصاحبه. والتضيق تقليل ما يحتاج إلى التصرف فيه عن مقدار الكفاية. وقد يكون التضييق فى الرزق وفى المكان وفى الأمر. و { إن كنّ } يعني النساء المطلقات { أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن } أمر من الله تعالى بالانفاق على الحامل المطلقة سواء كانت رجعية او مبتوتة، ولا خلاف فى ذلك، وإنما يجب ان ينفق عليها بسبب ما فى بطنها، وإنما تسقط نفقتها بالوضع. والحمل - بفتح الحاء - يكون على الظهر وفى البطن، ويقال للعدل - الحمل - بكسر الحاء.

السابقالتالي
2 3