الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى ٱلْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُواْ ٱلَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِّثْلَ مَآ أَنفَقُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيۤ أَنتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِٱللَّهِ شَيْئاً وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلاَدَهُنَّ وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَٰنٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُنَّ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَوَلَّوْاْ قوْماً غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُواْ مِنَ ٱلآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ ٱلْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ ٱلْقُبُورِ }

معنى قوله { وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار } أي إن أعجزكم ومضى شيء من أزواجكم إلى كفار أهل مكة ومعنى شيء أحد، فكأنه قال وإن فاتكم احد منكم { فعاقبتم } بمصير أزواج الكفار اليكم إما من جهة سبي او مجيئهن مؤمنات { فآتوا الذين ذهبت أزواجهم } إلى الكفار { مثل ما أنفقوا } من المهور كما عليهم أن يردوا عليكم مثل ما أنفقتم لمن ذهب من أزواجكم. قال الزجاج: وقد قرىء { فعقبتم } بلا الف مشدداً ومخففاً، وجاء فى التفسير فغنمتم ومعناه في اللغة فكانت العقبى لكم أي كانت لكم الغلبة حتى غنمتم، قال { وعقبتم } مشددة أجودها في اللغة، ومخففة جيدة أيضاً أي صارت لكم عقبى، والتشديد أبلغ ومعنى { فعاقبتم } أصبتموهم في القتال بعقوبة حتى غنمتم أي ان مضت امرأة منكم إلى من لا عهد بينكم وبينه { فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا } يعني فى مهورهن، وكذلك إن مضت الى من بينكم وبينه عهد فنكث فى اعطاء المهر، فالذي ذهبت زوجته يعطى المهر من الغنيمة ولا ينقص شيئاً من حقه بل يعطى حقه كاملا بعد إخراج مهور النساء. وقال الزهري: فآتوا الذين ذهبت أزواجهم من المؤمنين مثل ما أنفقوا من مال الفيء. وقال ابن عباس من مال الغنيمة - وفي رواية عن الزهري - عليهم أن يعطوهم من صداق من لحق بهم وقال قوم: يعطونهم من جميع هذه الاموال. وقال قتادة: معنى الآية { وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار } الذين ليس بينهم وبين اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله عهد { فعاقبتم } يعني الغنيمة يقول: فاذا غنمتم فاعطوا زوجها صداقها الذي كان قد ساقه اليها من الغنيمة ثم نسخ هذا الحكم فى براءة، فنبذ إلى كل ذي عهد عهده. ثم قال { واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون } أى اجتنبوا معاصي الله الذى أنتم مصدقون بثوابه وعقابه ومعترفون بنبوة نبيه.

وقوله { يا أيها النبي } خطاب للنبي صلى الله عليه وآله يقول الله له { إذا جاءك المؤمنات يبايعنك } ووجه بيعة النساء مع أنهن لسن من أهل النصرة فى المحاربة هو أخذ العهد عليهن بما يصلح شأنهن في الدين للأنفس والأزواج، فكان ذلك في صدر الاسلام لئلا ينفتق بهن فتق لما صيغ من الاحكام، فبايعهن النبي صلى الله عليه وآله حسماً لذلك وقيل: إنه كان يبايعهن من وراء الثوب. وروى أنه استدعى ماء فوضع يده فيه ثم أمر النساء ان يضعن أيديهن فيه، فكان ذلك جارياً مجرى المصافحة بأخذ العهد { على أن لا يشركن بالله شيئاً } من الاصنام والاوثان { ولا يسرقن } لا من أزواجهن ولا من غيرهم { ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن } على وجه من الوجوه لا بالوأد، ولا بالاسقاط { ولا يأتين ببهتان } يعني بكذب { يفترينه بين أيديهن وأرجلهن } أي لا يأتين بكذب يكذبنه فى مولود يوجد بين أيديهن وأرجلهن.

السابقالتالي
2