الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ ٱللَّهَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يُنَزِّلٍ آيَةً وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }

قرأ ابن كثير { ينزل } بالتخفيف. الباقون بالتشديد.

ومعنى { وقالوا } اخبار عما قاله الكفار من انهم قالوا { لولا } ومعناه: هلا { أنزل عليه آية } يعني الآية التي سألوها واقترحوا أن يأتيهم بها من جنس ما شاءوا لما قالوافليأتنا بآية كما أرسل الأولون } يعنون فلق البحر واحياء الموتى. وانما قالوا ذلك حين أيقنوا بالعجز عن معارضته فيما أتى به من القرآن، فاستراحوا الى أن يلتمسوا مثل آيات الاولين، فقال الله تعالىأو لم يكفهم أنا نزلنا عليك الكتاب } وقال ها هنا قل يا محمد { إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون } ما في إِنزالها من وجوب الاستئصال لهم اذا لم يؤمنوا عند نزولها. وما في الاقتصار بهم على ما أوتوا من المصلحة لهم. وبين في آية أخرى انه لو أنزل عليهم ما أنزل لم يؤمنوا، وهو قولهولو أننا نزلنا إليهم الملائكة } الى قوله:ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله } ان يكرههم. وقالوما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون } يعني الآيات التي اقترحوها انما لم نأتهم بها، لانا لو أتيناهم بها ولم يؤمنوا وجب استئصالهم، كما وجب استئصال من تقدمهم ممن كذب بآيات الله. وقال في سورة العنكبوتوقالوا لا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب } الآية. فبين ان الآيات لا يقدر عليها الا الله، وقد أتاهم بما فيه كفاية وإِزاحة لعلتهم وهو القرآن، وغيره مما شاهدوه ومن المعجزات والآيات، ولا يلزم اظهار المعجزات بحسب اقتراح المقترحين، لانه لو لزم ذلك لوجب اظهارها في كل حال ولكل مكلف وذلك فاسد.

وقد طعن قوم من الملحدين، فقالوا: لو كان محمد قد أتى بآية لما قالوا له { لولا أنزل عليه آية } ولما قال { إن الله قادر على أن ينزل آية }.

قيل: قد بينا أنهم التمسوا آية مخصوصة وتلك لم يؤتوها وان كان الله تعالى قادرا عليها، وانما لم يؤتوها لان المصلحة منعت من انزالها، وانما اتى بالآيات الاخر التي دلت على نبوته من القرآن وغيره على ما اقتضته المصلحة، ولذلك قال فيما تلوناه { أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب } فبين ان في انزال الكتاب كفاية ودلالة على صدقه وانه لا يحتاج معه الى أمر آخر فسقط ما قالوه.