الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهُوَ ٱللَّهُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَفِي ٱلأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ }

قوله { وهو الله في السماوات وفي الأرض } يحتمل معنيين:

أحدهما - قال الزجاج والبلخي، وغيرهما: انه المعبود في السماوات والأرض، والمتفرد بالتدبير في السماوات وفي الارض، لان حلوله فيهما أو شيء منهما لا يجوز عليه. ولا يجوز أن تقول هو زيد في البيت، والدار، وأنت تريد أنه يدبرهما الا ان يكون في الكلام ما يدل على ان المراد به التدبير كقول القائل: فلان الخليفة في الشرق والغرب، لان المعنى في ذلك أنه المدبر فيهما.

ويجوز ان يكون خبرا بعد خبر، كأنه قال: انه هو الله وهو في السماوات وفي الارض. ومثل ذلك قولهوهو الذي في السماء إِله وفي الأرض إِله } والوجه الثاني - قال أبو علي: ان قوله { وهو الله } قد تم الكلام، وقوله { في السماوات وفي الأرض } يكون متعلقا بقوله { يعلم سركم وجهركم } في السماوات وفي الارض لأن الخلق إِما أن يكونوا ملائكة فهم في السماء أو البشر والجن، فهم في الارض، فهو تعالى عالم بجميع ذلك لا يخفى عليه خافية، ويقويِّه قوله { ويعلم ما تكسبون } أي يعلم جميع ما تعملون من الخير والشر فيجازيكم على حسب أعمالكم، ولا يخفى عليه شيء منها، وفي ذلك غاية الزجر والتهديد.

وفي الآية دلالة على فساد قول من قال: إِنه تعالى في مكان دون مكان تعالى الله عن ذلك.