الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهَـٰذَا كِتَٰبٌ أَنزَلْنَـٰهُ مُبَارَكٌ فَٱتَّبِعُوهُ وَٱتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }

قوله { وهذا } اشارة الى القرآن، وصفه بأنه كتاب انزله الله وانما وصفه بأنه كتاب وان لم يكن قرآنا من اجل انه يكتب، لانه لما كان التقييد بالكتاب من اكثر ما يحتاج اليه في الدلائل والحكم، وصف بهذا الوصف. لبيان انه مما ينبغي ان يكتب، لانه اجل الحكم، وذكر في هذا الموضع بهذا الذكر ليقابل ما تقدم من ذكر كتاب موسى (ع).

وقوله { مبارك } فالبركة ثبوت الخير بزيادته ونموه، واصله الثبوت، ومنه (تبارك) أي تعالى بصفة اثبات لا اول له ولا آخر، وهذا تعظيم لا يستحقه غير الله تعالى. ورفعه بأنه صفة للكتاب، ولو نصب على الحال كان جائزا غير ان الرفع يدل على لزوم الصفة للكتاب، والنصب يجوز ان يكون لحالة عارضة في وقت الفعل.

وقوله { فاتبعوه } امر من الله باتباعه وتدبر وما فيه وامتثاله.

وقوله { واتقوا } أمر منه تعالى باتقاء معاصيه، وتجنب مخالفة كتابه.

وقوله { لعلكم ترحمون } أي لكي ترحموا، وانما قال { اتقوا لعلكم ترحمون } مع انهم اذا أتقوا رحموا لا محالة لامرين:

احدهما - اتقوا على رجاء الرحمة، لانكم لا تدرون بما توافون في الآخرة.

الثاني - أتقوا لترحموا، ومعناه ليكن الغرض بالتقوى منكم طلب ما عند الله من الرحمة والثواب.