الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ ثَمَٰنِيَةَ أَزْوَٰجٍ مَّنَ ٱلضَّأْنِ ٱثْنَيْنِ وَمِنَ ٱلْمَعْزِ ٱثْنَيْنِ قُلْ ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلأُنثَيَيْنِ أَمَّا ٱشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ ٱلأُنثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَٰدِقِينَ }

قرأ ابن كثير الا ابن فليح وابن عامر الا الداحوني عن هشام واهل البصرة { المعز } بفتح العين. الباقون بسكونها. قال ابو علي من قرأ بالفتح اراد الجمع بدلالة قوله { من الضأن اثنين } ولو كان واحدا لم يسغ فيه هذا، ونصب اثنين على تقدير: وانشأ ثمانية ازواج: انشأ من الضأن اثنين ومن المعز اثنين، ونظير معز جمع ماعز خادم وخدم وطالب وطلب، وحارس وحرس، وقال ابو الحسن: هو جمع على غير واحد، وكذلك المعزى، وحكى ابو زيد إِمعوز وانشد:
كالتيس في إِمعوزه المربل   
وقالوا: المعيز كالكليب، ومن سكن العين، فهو أيضا جمع ماعز كصاحب وصحب وتاجر وتجر وراكب وركب. وابو الحسن: يرى هذا الجمع مستمرا، ومن يرده في التصغير الى الواحد، فيقول في تحقير ركب رويكبون، وفي تجر: تويجرون، وسيبويه يراه اسما من أسماء الجمع، وانشد ابو عثمان حجة لقول سيبويه:
بنيته بعصبة من ماليا   أخشى ركيبا او رجيلا عاديا
- بالعين والغين - عن غير ابي علي فتحقيره له على لفظه من غير ان يرده الى الواحد الذي هو فاعل - والحاق الواو والنون أو الياء والنون، يدل على إِنه اسم للجمع وأنشد ابو زيد:
واين ركيب واضعون رحالهم   الى أهل نار من أناس بأسود
وقال ابو عثمان البقرة عند العرب نعجة، والظبية عندهم ماعزة، الدليل على ذلك قول ذي الرمة:
اذا ما رآها راكب الضيف لم يزل   يرى نعجة في مرتع فيثيرها
مولعة خنساء ليست بنعجة   يدمّن اجواف المياه وقيرها
قوله لم يزل يرى نعجة يريد بقرة، ألا ترى انه قال مولعة خنساء، والخنس والتوليع إِنما يكونان في البقر دون الظباء. وقوله ليست بنعجة معناه انها ليست بنعجة أهلية، لانه لا يخلو من ان يريد أنها ليست بنعجة أهليه، أو ليست بنعجة، ولا يجوز ان يريد انها ليست بنعجة، لانك ان حملته على هذا فقد نفيت ما أوجبه من قوله: لم يزل يرى نعجة، واذا لم يجز ذلك علمت انه اراد ليست بنعجة أهلية، والدليل على ان الظبية ماعزة قول أبي ذؤيب.
وعادية تلقى الثياب كأنها   تيوس ظباء محصها وانبتارها
فقوله تيوس ظباء كقوله: تيوس معز، ولو كانت عندهم ضائنية لقال كأنها كباش ظباء، والوقير الشاة يكون فيها كلب وحمار في قوله الاصمعي.

قوله { ثمانية أزواج } منصوب، لانه بدل من { حمولة وفرشا } لدخوله في الانشاء، وتقديره وأنشأ حمولة وفرشا ثمانية أزواج { من الضأن اثنين } نصب { اثنين } بتقدير انشأ من الضأن اثنين، ولو رفع على تقدير منها ماعز إِثنان كما تقول رأيت القوم منهم قائم وقاعد كان جائزا، وانما أجمل ما فصله في الاثنين للتقدير على شيء منه، لانه اشد في التوبيخ من ان يكون دفعة واحدة.

السابقالتالي
2