الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَٰنِهِمْ لَئِن جَآءَتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا ٱلآيَٰتُ عِندَ ٱللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَآ إِذَا جَآءَتْ لاَ يُؤْمِنُونَ }

قرأ ابن كثير وابو عمرو ويعقوب وابو بكر الا يحيى ونصير وخلف { وما يشعركم أنها } بكسر الهمزة. الباقون بفتحها.

وقرأ ابن عامر وحمزة { لا تؤمنون } بالتاء. الباقون بالياء.

و (ما) في قوله { وما يشعركم } استفهام وفاعل { يشعركم } ضمير (ما) ولا يجوز ان يكون نفيا، لان الفعل فيه يبقى بلا فاعل، ولا يجوز ان يكون نصبا ويكون الفاعل ضمير اسم الله، لان التقدير يصير، وما يشعركم الله انتفاء ايمانهم، وهذا ليس بصحيح، لان الله قد أعلمنا أنهم لا يؤمنون بقولهولو أننا نزلنا إليهم الملائكة.. } فالمعنى وما يدريكم ايمانهم اذا جاءت الايات، فحذف المفعول، وتقديره وما يدريكم ايمانهم اذا جاءت أي هم لا يؤمنون مع مجىء الآية. ومن كسر الالف فلانه استئناف على القطع بأنهم لا يؤمنون، ولو فتحت بـ { يشعركم } كان عدوا لهم، ويجوز فتحها على وجهين: الاول قال الخليل: بمعنى لعلها اذا جاءت لا يؤمنون، كما يقول القائل: ائت السوق انك تشتري لنا شيئا معناه لعلك، قال عدي بن زيد:
أعاذل ما يدريك ان منيتي   الى ساعة في اليوم أو في ضحى الغد
وقال دريد بن الصمة:
ذريتي أطوف في البلاد لانني   أرى ما ترين أو بخيلا مخلد
وقال آخر:
هل أنتم عائجون بنا لأنا   نرى العرصات أو أثر الخيام
وقال الفراء: انهم يقولون: لعلك، ولعنك، ورعنك، وعلك، ورأنك، ولانك بمعنى واحد. وقال ابو النجم:
قلت لشيبان ادن من لقائه   انا نغدى اليوم من شوائه
الثاني - قال الفراء (لا) - ها هنا - صلة كقولهما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك } والتقدير وما يشعركم انها اذا جاءت يؤمنون، والمعنى على هذا لو جاءت لم يؤمنوا ومثل زيادة (لا) قول الشاعر:
أبا جوده لا النجل واستعجلت به   نعم من فتى لا يمنع الجود فاعله
بنصب النجل وجره، فمن نصب جعلها زيادة، وتقديره أبا جوده النجل ومن جره أضاف (لا) الى (النجل) ومثله قوله تعالىوحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون } وهو يحتمل أمرين:

احدهما - ان تكون (لا) زائدة و (ان) في موضع رفع بأنه خبر المبتدإِ الذي هو (حرام) وتقديره وحرام على قرية مهلكة رجوعهم، كما قالفلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون } والثاني - أن تكون (لا) غير زائدة بل تكون متصلة بأهلكنا، والتقدير بأنهم لا يرجعون أي أهلكناهم بالاستئصال، لانهم لا يرجعون الى أهليهم للاستئصال الواقع بهم. وخبر الابتداء محذوف وتقديره حرام على قرية أهلكناها بالاستئصال بقاؤهم أو حياتهم ونحو ذلك.

من قرأ (يؤمنون) بالياء فلان قوله { وأقسموا } انما يراد به قوم مخصوصون بدلالةولو أننا أنزلنا إليهم الملائكة.. } وليس كل الناس بهذا الوصف، فالمعنى وما يشعركم ايها المؤمنون لعلهم اذا جات الآيات التي اقترحوها لم يؤمنوا.

السابقالتالي
2