الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَآ أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { مَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ ٱلأَغْنِيَآءِ مِنكُمْ وَمَآ آتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } * { لِلْفُقَرَآءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصَّادِقُونَ } * { وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُوا ٱلدَّارَ وَٱلإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } * { وَٱلَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ }

قرأ ابو جعفر { كيلا تكون } بالتاء { دولة } بالرفع أضاف الفعل إلى { دولة }. الباقون بالياء { دولة } نصب أرادوا الفيء والمال.

قوله { وما أفاء الله على رسوله منهم } يعني من اليهود الذين أجلاهم من بني النضير، وإن كان الحكم سارياً فى جميع الكفار إذا كان حكمهم، فالفيء ردّ ما كان للمشركين على المسلمين بتمليك الله إياهم ذلك، على ما شرط فيه، يقال: فاء بفيء فيئاً إذا رجع وأفأته عليه إذا رددته عليه. وقال عمر بن الخطاب ومعمر: مال الفيء هو مال الجزية والخراج. والفيء كل ما رجع من أموال الكافرين إلى المؤمنين، سواء كان غنيمة او غير غنيمة، فالغنيمة ما اخذ بالسيف، فأربعة أخماسه للمقاتلة وخمسه للذين ذكرهم الله فى قولهواعلموا أنما غنمتم... } الآية.

وقال كثير من العلماء: ان الفيء المذكور فى هذه الآية هو الغنيمة. وقال قوم: مال الفيء خلاف مال الصدقات، لأن مال الفيء اوسع، فانه يجوز ان يصرف فى مصالح المسلمين، ومال الصدقات إنما هو فى الاصناف الثمانية. وقال قوم: مال الفيء يأخذ منه الفقراء من قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله باجماع الصحابة فى زمن عمر ابن الخطاب، ولم يخالفه فيه احد إلا الشافعي، فانه قال: يأخذ منه الفقراء والاغنياء، وإنما ذكروا فى الآية لانهم منعوا الصدقة، فبين الله أن لهم فى مال الفيء حقاً. وقال عمر بن الخطاب: مال بني النضير كان فيأ لرسول الله صلى الله عليه وآله خاصة { ولذي القربى } قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله من بني هاشم وبني عبد المطلب. وقيل: جعل ابو بكر وعمر سهمين: سهم رسوله وسهم قرابته من الاغنياء في سبيل الله، وصدقة عن رسول الله صلى الله عليه وآله ذكره قتادة. والباقي في اهل الحاجة من اطفال المسلمين الذين لا أبالهم، وابن السبيل المنقطع به من المسافرين في غير معصية الله. وقال يزيد ابن رومان: الغنيمة ما أخذ من دار الحرب بالقتال عنوة. وقيل: كانت الغنائم في صدر الاسلام لهؤلاء الاصناف. ثم نسخ بما ذكره في سورة الانفال: بالخمس. والباقي للمحاربين - ذكره قتادة -.

والذي نذهب اليه أن مال الفيء غير مال الغنيمة، فالغنيمة كل ما اخذ من دار الحرب بالسيف عنوة مما يمكن نقله إلى دار الاسلام، وما لا يمكن نقله إلى دار الاسلام، فهو لجميع المسلمين ينظر فيه الامام ويصرف انتفاعه إلى بيت المال لمصالح المسلمين. والفيء كل ما اخذ من الكفار بغير قتال او انجلاء اهلها وكان ذلك للنبي صلى الله عليه وآله خاصة يضعه في المذكورين في هذه الآية، وهو لمن قام مقامه من الأئمة الراشدين.

السابقالتالي
2 3