الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِيۤ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمآ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } * { ٱلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُمْ مِّن نِّسَآئِهِمْ مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ ٱللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ ٱلْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ } * { وَٱلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } * { فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحَآدُّونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُواْ كَمَا كُبِتَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنزَلْنَآ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ }

قرأ المفضل عن عاصم { ما هن أمهاتهم } على الرفع على لغة بني تميم. الباقون بنصب { أمهاتهم } على لغة أهل الحجاز، وهي لغة القرآن، كقولهما هذا بشراً } وقرأ عاصم { يظاهرون } بضم الياء بألف. وقرأ ابن كثير ونافع وابو عمرو { يظهرون } بغير الف مشددة الظاء والهاء. وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي { يظاهرون } بتشديد الظاء والف، وفتح الياء. وقال ابو علي النحوي: ظاهر من امرأته وظهر مثل ضاعف وضعف وتدخل التاء على كل واحد منهما، فيصير تظاهر وتظهر، ويدخل حرف المضارعة، فيصير تتظاهر، ويتظهر. ثم يدغم التاء في الظاء لمقاربتهما، فيصير يظاهرون ويظهرون - بفتح الياء - التي هي للمضارعة، لانها للمطاوعة، كما تفتحها في (يتدحرج) الذي هو مطاوع (دحرجته، فتدحرج) واختار عاصم أن المظاهرة من المضارعة، لان المفاعلة لا يكون إلا من نفسين. والظهار يكون بين الرجل وامرأته. ومن قرأ { يظاهرون } فأصله يتظاهرون فأدغم التاء في الظاء.

والظهار قول الرجل لامرأته: انت عليّ كظهر أمي، وكان أهل الجاهلية إذا قال الرجل منهم هذا لامرأته بانت منه وطلقت. وفى الشرع لا تبين المرأة إلا انه لا يجوز له وطؤها إلا بعد ان يكفر. وعندنا ان شروط الظهار هي شروط الطلاق سواء من كون المرأة طاهراً طهراً لم يقربها فيه بجماع، ويحضره شاهدين ويقصد التحريم فان اختل شيء من ذلك لم يقع به ظهار. ويقال فيه ظاهر فلان من امرأته ظهاراً ومظاهرة وإظهاراً، فلان ظاهر وتظاهر تظاهراً إلا انه ادغم واظهر إظهاراً. وأصله تظهر تظهراً إلا انه ادغمت التاء في الظاء.

وقيل: إن هذه الآية نزلت في خولة بنت ثعلبة وزوجها أوس ابن الصامت - في قول قتادة - وكان مجادلتها إياه مراجعتها في أمر زوجها. وقد كان ظاهر منها، وهي تقول: كبرت سني ودق عظمي، وان اوساً تزوجني وانا شابة، فلما علت سني يريد أن يطلقني. ورسول الله صلى الله عليه وآله يقول بنت منه - على ما رواه ابو العالية - وفي رواية غيره انه قال لها: ليس عندي في هذا شيء، فنزلت الآية. وقال ابن عباس: نزلت الآية في أوس بن الصامت. وكانت تحته بنت عم له، فقال لها: أنت عليّ كظهر أمي، فهو اول من ظاهر في الاسلام. وقيل كان يقال للمرأة خولة بنت خويلد. وكان الرجل في الجاهلية إذا قال لامرأته: انت عليّ كظهر أمي حرمت عليه، فأنزل الله تعالى في قصة الظهار آيات. ولا خلاف أن الحكم عام في جميع من يظاهر، وإن نزلت الآية على سبب خاص.

فقال الله تعالى لنبيه { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها } فالجدال والمجادلة هي المخاصمة.

السابقالتالي
2 3 4