الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوۤاْ أَحْصَاهُ ٱللَّهُ وَنَسُوهُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } * { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَىٰ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواْ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } * { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نُهُواْ عَنِ ٱلنَّجْوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ ٱلرَّسُولِ وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ ٱللَّهُ وَيَقُولُونَ فِيۤ أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا ٱللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَاجَوْاْ بِٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ ٱلرَّسُولِ وَتَنَاجَوْاْ بِٱلْبِرِّ وَٱلتَّقْوَىٰ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيۤ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } * { إِنَّمَا ٱلنَّجْوَىٰ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَيْسَ بِضَآرِّهِمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ }

قرأ حمزة وحده { ويتنجون } بغير الف. الباقون { يتناجون } بألف. وقرأ ابو جعفر { ما يكون } بالياء. الباقون بالتاء، لان تأنيث نجوى ليس بحقيقي

لما قال الله تعالى ان الكافرين لحدود الله لهم عذاب مهين، بين متى يكون ذلك، فقال { يوم يبعثهم الله جميعاً } أي يحشرهم الى ارض المحشر ويعيدهم احياء { فينبئهم } أي يخبرهم ويعلمهم { بما عملوا } في دار الدنيا من المعاصي وإرتكاب القبائح، ثم قال { أحصاه الله ونسوه } أي احصاه الله عليهم واثبته في كتاب اعمالهم ونسوه هم { والله على كل شيء شهيد } ومعناه انه يعلم الاشياء كلها من جميع وجوهها لا يخفى عليه شيء من ذلك وإن كان كثيراً من الاشياء لا يصح مشاهدتها ولا إدراكها، ومنه قولهشهد الله أنه لا إله إلا هو } أي علم ذلك.

ثم بين فقال { ألم تر } ومعناه الم تعلم، والخطاب للنبي صلى الله عليه وآله والمراد به جميع المكلفين { أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض } من الموجودات لا يخفى عليه شيء منها، لانه عالم لنفسه يجب ان يكون عالماً بما يصح أن يكون معلوماً. وقيل التقدير ألم تر ان الله يعلم ما في السموات وما في الارض مما ترى من تدبيرهما من مسير الشمس والقمر ومجيء الحر والبرد والزرع والثمار وسائر صنوف الاشجار على ما تقتضي الحكمة عالماً دبر ذلك وجعل كل شيء منه في وقته ولما يصلح له، وذلك يقتضي انه عالم بكل نجوى، لأنه عالم لنفسه لا بحدوث علم. واذا ثبت انه عالم لنفسه وجب ان يكون عالماً بكل معلوم.

وقوله { ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا } والمعنى انه عالم بأحوالهم وجميع متصرفاتهم فرادى وعند الاجتماع، لا يخفى عليه شيء منها، فكأنما هو معهم مشاهد لهم. وعلى هذا يقال: إن الله تعالى مع الانسان حيث ما كان، لانه عالم لا يخفى عليه شيء من أمره حتى انه ظاهر له اتم الظهور لمن شاهده ممن هو معه في المكان، وحسن هذا لما فيه من البيان، فأما ان يكون معهم على طريق المجاورة فمحال، لأن ذلك من صفات الاجسام، والله تعالى ليس بجسم. ويقولون: فلان رابع أربعة إذا كان احد اربعة ورابع ثلاثة اذا جعل ثلاثة اربعة بكونه معهم. ويجوز على هذا ان يقال: رابع ثلاثة ولا يجوز رابع أربعة، لانه ليس فيه معنى الفعل. ويجوز في (ثلاثة) الجر باضافة النجوى اليها، ويجوز بأنها صفة النجوى. ويجوز النصب بأنها خبر (يكون).

وقوله { ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة } معناه يعلمهم بما عملوه من المعاصي في الدنيا والاعمال، ويخبرهم بها، لأن الله بكل شيء عليم، لا يخفى عليه خافية.

السابقالتالي
2