الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَبِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَنتُمْ مُّدْهِنُونَ } * { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ } * { فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ ٱلْحُلْقُومَ } * { وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ } * { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَـٰكِن لاَّ تُبْصِرُونَ } * { فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ } * { تَرْجِعُونَهَآ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ } * { فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ } * { وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ } * { فَسَلاَمٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ }

إثنا عشرة آية شامي، واحدى عشرة فيما عداه، عد الشاميون { وروح وريحان } ولم يعده الباقون.

قرأ يعقوب { فروح وريحان } بضم الراء. الباقون بفتحها، وهما لغتان. وقال الزجاج: الروح بفتح الراء معناه الراحة وبالضم معناه حياة دائمة لا موت معها.

يقول الله تعالى مخاطباً للمكلفين على وجه التقريع لهم والتوبيخ بصورة الاستفهام { أفبهذا الحديث } الذي حدثناكم به وأخبرناكم به من حوادث الامور { أنتم مدهنون } قال ابن عباس: معنى مدهنون مكذبون. وقال مجاهد: معناه تريدون أن تمالؤهم فيه وتركنوا اليهم لأنه جريان معهم فى باطلهم. وقيل: معناه منافقون فى التصديق بهذا الحديث وسماه الله تعالى حديثاً كما قالالله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً } ومعناه معنى الحدوث شيئاً بعد شيء ونقيض (حديث) قديم، والمدهن الذي يجري فى الباطل على خلاف الظاهر، كالدهن فى سهولة ذلك عليه والاسراع فيه، أدهن يدهن إدهاناً وداهنه مداهنة مثل نافقه منافقة، وكل مدهن بصواب الحديث مذموم.

وقوله { وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون } معناه وتجعلون حظكم من الخير الذي هو كالرزق لكم إنكم تكذبون ويجوز شكر رزقكم، وقال ابن عباس: معناه وتجعلون شكركم، وروي انه كان يقرأ كذلك. وقيل: حظكم من القرآن - الذي رزقكم الله - التكذيب به - فى قول الحسن - وقيل: إنهم كانوا إذا أمطرو وأخصبوا، قالوا مطرنا بنؤ كذا، فأنزل الله تعالى الآية تكذيباً لهم. وكذلك قرأ المفضل عن عاصم { تكذبون } بفتح التاء خفيفاً.

وقوله { فلولا إذا بلغت الحلقوم } قال الحسن: معناه هلا إذا بلغت هذه النفس التي زعمتم أن الله لا يبعثها الحلقوم { وأنتم حينئذ تنظرون } أي تنظرون ما ينزل بكم من امر الله قال الزجاج: قوله تعالى { وأنتم حينئذ } خطاب لأهل الميت، وتقديره إذا بلغت الحلقوم وانتم معاشر اهله ترونه على تلك الصورة. ويحتمل ان يكون المراد وأنتم حينئذ تبصرون على ضرب من المجاز. وقوله { ونحن أقرب إليه منكم } معناه إن الله تعالى يراه من غير مسافة بينه وبينه، فلا شيء اقرب اليه منه، واقرب من كل من يراه بمسافة بينه وبينه { ولكن لا تبصرون } معناه ولكن لا تعلمون ذلك لجهلكم بالله وبما يجوز عليه وما لا يجوز. ويحتمل أن يكون المراد ولكن لا تبصرون الله، لأن الرؤية مستحيلة عليه. وقيل معناه: ولكن لا تبصرون الملائكة التي تتولى قبض روحه.

وقوله { فلولا إن كنتم غير مدينين } معناه هلا إن كنتم غير مجزيين بثواب الله او عقابه على ما تدعونه من إنكار البعث والنشور { ترجعونها } أي تردون هذه النفس إلى موضعها { إن كنتم صادقين } فى قولكم وإدعائكم. وحكى الطبري عن بعض النحويين ان الكلام خرج متوجهاً إلى قوم أنكروا البعث، وقالوا نحن نقدر على الامتناع من الموت، فقيل لهم: هلا رددتم النفس إذا بلغت الحلقوم إن كنتم صادقين فيما تدعونه.

السابقالتالي
2 3