الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ } * { فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ } * { وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ } * { وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ } * { وَمَآءٍ مَّسْكُوبٍ } * { وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ } * { لاَّ مَقْطُوعَةٍ وَلاَ مَمْنُوعَةٍ } * { وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ } * { إِنَّآ أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَآءً } * { فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً } * { عُرُباً أَتْرَاباً } * { لأَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ } * { ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ } * { وَثُلَّةٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ }

أربع عشرة آية كوفى وعدد اسماعيل وبصري، وخمس عشرة آية فيما عداه عد المدني والمكي والبصري { وأصحاب اليمين } ولم يعده الباقون. وعد المدنيان والمكي والكوفى والشامي " انشاء " ولم يعده الباقون.

قرأ اسماعيل وحمزة وخلف ويحيى { عرباً } مخففة. الباقون مثقلة، وهما لغتان. وروي عن علي عليه السلام انه قرأ { وطلع منضود } بالعين. والقراء على الحاء وقال علي عليه السلام: هو كقولهونخل طلعها هضيم } وقال كالمتعجب: وما هو شأن الطلع؟! فقيل: له ألا تغيره؟ قال: القرآن لا يهاج اليوم ولا يحول.

وقوله { وأصحاب اليمين } قيل فى معناه ثلاثة أقوال:

أولها - الذين يأخذون كتبهم بأيمانهم.

الثاني - الذين يؤخذ بهم ذات اليمين إلى الجنة.

الثالث - اصحاب اليمين والبركة. وقوله { ما أصحاب اليمين } معنا ومعنى { ما أصحاب الميمنة } سواء وقد فسرناه.

وقوله { في سدر مخضود } فالسدر شجر النبق، والمخضود هو الذي لا شوك فيه وخضد بكثرة جملته وذهاب شوكه - فى قول ابن عباس وعكرمة وقتادة ومجاهد والضحاك - وأصل الخضد عطف العود اللين. فمن ها هنا قيل: لا شوك فيه، لان الغالب على الرطب اللين أنه لا شوك له.

وقوله { وطلح منضود } قال ابن عباس ومجاهد وعطاء وقتادة وابن زيد: الطلح شجر الموز. وقال ابو عبيدة: الطلح كل شجر عظيم كثير الشوك، وقال الحارثي:
بشرها دليلها وقالا   غداً ترين الطلح والجبالا
وقال الزجاج: الطلح شجر أم غيلان. وقد يكون على أحسن حال، والمنضود هو الذي نضد بعضه على بعض من الموز - ذكره ابن عباس - وهو من نضدت المتاع إذا عبيت بعضه على بعض. قيل: فقنوا الموز منضود بعضه على بعض { وظل ممدود } معناه دائم لا تنسخه الشمس قال لبيد:
غلب البقاء وكنت غير مغلب   دهر طويل دائم ممدود
وروي في الخبر أن " في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مئة سنة ".

وقوله { وماء مسكوب } أي مصبوب على الخمر يشرب بالمزاج. وقال قوم: يعني مصبوب يشرب على ما يرى من حسنه وصفائه، ولا يحتاجون إلى تعب في استقائه.

وقوله { وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة } أي وثمار مختلفة كثيرة غير قليلة. وقيل الوجه في تكرار ذكر الفاكهة البيان عن اختلاف صفاتها فذكرت اولا بأنها مما يتخيرون، وذكرت - هٰهنا - بأنها كثيرة وبأنها لا مقطوعة ولا ممنوعة. ومعناه لا مقطوعة كما تنقطع فواكه الدنيا في الشتاء في اوقات مخصوصة، ولا ممنوع بتعذر تناول او شوك يؤذي كما يكون ذلك في الدنيا.

وقوله { وفرش مرفوعة } أي عالية يقال: بناء مرفوع أي عال. وقيل: معناه ونساء مرتفعات القدر فى عقولهن وحسنهن وكمالهن.

السابقالتالي
2