الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي ٱلْخِيَامِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { تَبَارَكَ ٱسْمُ رَبِّكَ ذِي ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ }

قرأ اهل الشام { ذو الجلال } على الرفع، على أنه نعت لـ { اسم }. الباقون - بالخفض - على أنه نعت لـ { ربك }.

وقوله { فيهما } يعني الجنتين اللتين وصفهما بأنهما { مدهامتان } { عينان نضاختان } فعين الماء المكان الذي ينبع منه الماء، ومعنى { نضاختان } فوارتان بالماء. وقيل: نضاختان بكل خير. والنضخ - بالخاء - أكثر من النضح - بالحاء - لأن النضح غير المعجمة الرش وبالخاء كالبرك والفوارة التي ترمى بالماء صعداء، نضخ ينضخ نضخاً فهو ناضخ. وفى نضاخة مبالغة، ووجه الحكمة فى العين النضاخة أن النفس إذا رأت الماء يفور كان أمتع، وذلك على ما جرت به العادة { فبأي آلاء ربكما تكذبان }.

وقوله { فيهما فاكهة ونخل ورمان } أخبار منه تعالى أن فى الجنتين المتقدم وصفهما { فاكهة } وهي الثمار { ونخل ورمان } وإنما افرد ذكر النخل والرمان من الفاكهة، وإن كان من جملتها تنبيهاً على فضلهما وجلالة النعمة بهما، كما أفرد ذكر جبرائيل وميكائيل فى قولهمن كان عدواً لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين } وقال قوم: ليسا من الفاكهة بدلا الآية. وليس له في ذلك حجة، لاحتمال ما قلناه. قال يونس النحوي: النخل والرمان من أفضل الفاكهة، وإنما فضلا لفضلهما، والنخل شجر الرطب والتمر. والرمان مشتق من رم يرم رماً، لان من شأنه أن يرم الفؤاد بجلائه له { فبأي آلاء ربكما تكذبان } قد مضى بيانه.

وقوله { فيهن خيرات حسان } قال ابو عبيدة: إمرأة خيرة ورجل خير، والجمع خيرات. والرجال أخيار قال الشاعر:
ولقد طعنت مجامع الربلات   ربلات هند خيرة الملكات
وقال الزجاج: أصل (خيرات) خيرّات، وخفف. وفى الخبر المرفوع إن المعنى (خيرات الأخلاق حسان الوجوه) وإنما قيل للمرأة فى الجنة: خيرة، لانها مما ينبغي أن تختار لفضلها فى أخلاقها وأفعالها، وهي مع ذلك حسنة الصورة، فقد جمعت الأحوال التي تجل بها النعمة { فبأي آلاء ربكما تكذبان } قد بينا معناه.

وقوله { حور مقصورات في الخيام } فالحور البيض الحسان البياض، ومنه الدقيق الحواري لشدة بياضه، والعين الحورا اذا كانت شديدة بياض البياض، وشديدة سواد، السواد، وبذلك يتم حسن العين. وقال ابن عباس والحسن ومجاهد: الحور: البيض. وقوله { مقصورات } أي قصرن على أزواجهن، فلا يردن بدلا منهم - فى قول مجاهد والربيع - وقيل: معناه محبوسات فى الحجال - في قول ابن عباس وأبي العالية ومحمد بن كعب والضحاك والحسن، وعلى وجه الصيانة لهن والتكرمة لهن عن البذلة. وقال ابو عبيدة: مقصورات أي مخدرات و (الخيام) جمع خيمة وهو بيت من الثياب على الأعمدة، والاوتاد مما يتخذ للاصحار، فاذا اصحر هؤلاء الحور، كانت لهن الخيام في تلك الحال وغيرها مما ينفى الابتذال.

السابقالتالي
2