الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلرَّحْمَـٰنُ } * { عَلَّمَ ٱلْقُرْآنَ } * { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ } * { عَلَّمَهُ ٱلبَيَانَ } * { ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ } * { وَٱلنَّجْمُ وَٱلشَّجَرُ يَسْجُدَانِ } * { وَٱلسَّمَآءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ ٱلْمِيزَانَ } * { أَلاَّ تَطْغَوْاْ فِي ٱلْمِيزَانِ } * { وَأَقِيمُواْ ٱلْوَزْنَ بِٱلْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُواْ ٱلْمِيزَانَ } * { وَٱلأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ } * { فِيهَا فَاكِهَةٌ وَٱلنَّخْلُ ذَاتُ ٱلأَكْمَامِ } * { وَٱلْحَبُّ ذُو ٱلْعَصْفِ وَٱلرَّيْحَانُ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }

ثلاث عشرة آية كوفى وشامي، وإثنتا عشرة آية بصري وإحدى عشرة آية فى ما عداه، عد الكوفى والشامي { الرحمن } ولم يعده الباقون، وعدوا { خلق الإنسان } إلا أهل المدينة فانهم عدوا { البيان } آخر الآية. وقرأ { الحب ذا العصف } بالنصب شامي { والريحان } خفض كوفى غير عاصم، وعدّ الكوفيون { الرحمن } آية مع أنه ليس بجملة، لأنه في تقدير الله الرحمن حتى تصح الفاصلة وهو خبر مبتدأ محذوف نحو قوله { سورة أنزلناها } أي هذه أنزلناها، ومعنى { الرحمن } هو الذي وسعت رحمته كل شيء، فلذلك لا يجوز أن يوصف به إلا الله تعالى، فأما (راحم ورحيم) فيجوز ان يوصف به العباد.

وقوله { علم القرآن } فالتعليم تبين ما به يصير من لم يعلم عالماً. والاعلام إيجاد ما به يصير عالماً، وفى قوله { الرحمن علم القرآن } تذكير بالنعمة فى ما علم من الحكم بالقرآن التي يحتاج اليها الناس فى دينهم ليؤدوا ما يجب عليهم وينالوا الفضل بطاعة ربهم ويستوجبوا به الثواب وينالوا الرضوان.

وقوله { خلق الإنسان } معناه إنه الذي اخترع الانسان وأخرجه من العدم إلى الوجود، وقيل: المراد بالانسان - ها هنا - آدم عليه السلام. وقيل: محمد صلى الله عليه وآله. وقيل: جميع الناس وهو الظاهر وهو الأعم في الجميع. وقوله { علمه البيان } أى خلق فيه التمييز الذي بان به من سائر الحيوان. وقيل: معناه علمه الكلام الذى يبين به عن مراده ويتميز به عن سائر الحيوان، فالبيان هو الأدلة الموصلة إلى العلم. وقيل: البيان إظهار المعنى للنفس بما يتميز به عن غيره كتميز معنى رجل من معنى فرس، ومعنى قادر من معنى عاجز، ومعنى عام من معنى خاص، ومعنى شيء من معنى هذا بعينه، وفيه تنبيه على أنه تعالى خلق الانسان غير عالم، ثم علمه البيان، خلافاً لقول من يقول من الجهال: إن الانسان لم يزل عالماً بالاشياء، وإنما يحتاج فيه إلى تذكير، فكيف يكون عالماً من لم يخلق بعد لولا الغباوة وقلة التحصيل.

وقوله { والشمس والقمر بحسبان } أي يجريان بحسبان فاضمر يجريان وحذفه لدلالة الكلام عليه، فيكون إرتفاع الشمس بالفعل المقدر. وقال قوم: إرتفعا بتقديرهما بحسبان أي بحساب، والمعنى علمه البيان أن الشمس والقمر بحسبان وقيل: المعنى أن أمرهما يجري فى الادوار على مقدار من الحساب على ما وضعه حكيم عليم بتدبير صحيح، قد كان يمكن وضعهما على خلافه غير انه اختار ذلك لاستغناء العباد بها فى وجوه المنافع وما فى ذلك من المصالح. وقال ابن عباس وقتادة وابن زيد: بحسبان، ومنازل يجريان فيها ولا يعدوانها. وقيل: إن القمر يقطع بروج السماء فى ثمانية وعشرين يوماً، والشمس تقطع ذلك فى ثلثمائة وخمسمة وستين يوماً وشيء.

السابقالتالي
2 3