الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ مَّا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ }

لما أنذر تعالى في الآية الأولى شدة العقاب وبشَّر بالعفو والغفران ذكر في هذه أنه ليس على الرسول إِلا البلاغ. وأما القبول والامتثال فانه متعلق بالمكلفين المبعوث اليهم.

وأصل الرسول الاطلاق من قولهم أرسل الطير إِرسالا اذا أطلقه ومنه قولهم: ترسَّل في القراءة ترسلاً اذا تثبت. واسترسل الشيء اذا تسلل وانطلق. ورسله مراسلة، وتراسلوا تراسلاً. والرسل اللبن لاسترساله من الضرع. وفي الحديث " اعطي من رسلها " وقوله:والمرسلات عرفاً } قيل: هي الخيل. وقيل هي الرياح. والفرق بين الرسول والنبي أن النبي لايكون الا صاحب المعجز الذي ينبىء عن الله أي يخبر، والرسول اذا كان رسول الله فهو بهذه الصفة، وقد يكون الرسول رسولا لغير الله، فلا يكون بهذه الصفة. والانباء عن الشيء قد يكون من غير تحميل النبأ. والارسال لايكون الا بتحميل الرسالة. والبلاغ وصول المعنى الى غيره، وهو ها هنا وصول الانذار الى نفوس المكلفين. وأصل البلاغ البلوغ تقول: بلغ يبلغ بلوغاً وأبلغه ابلاغاً وتبلغ تبلغاً وبالغ مبالغة وبلغه تبليغاً، ومنه البلاغة لأنها إِيصال المعنى الى النفس في حسن صورة من اللفظ. وتبالغ الرجل اذا تعاطى البلاغة وليس ببليغ، وفي هذا بلاغ أي كفاية لأنه يبلغ مقدار الحاجة.

{ والله يعلم ما تبدون وما تكتمون } معناه أنه لا يخفى عليه شيء من احوالكم التي تظهرونها أو تخفونها وتكتمونها وفي ذلك غاية التهديد والزجر.