الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ }

أخبر الله تعالى أن هؤلاء الكفار الذين ذكرهم لم يكونوا يتناهون عن منكر أي لم يكن ينهى بعضهم بعضاً مثل قولك لا يتضاربون ولا يترامون ولا ينتهون ومعناه لا يكفون عما نهوا عنه.

وقوله: { لبئس ما كانوا يفعلون } وفتحت اللام لام القسم وتقديره اقسم لبئس ما كانوا يفعلون كما فتحت لام الابتداء لأنها لما لم تكن عاملة كـ (لام الاضافة) اختير لها أخف الحركات. ولا يجوز أن تكون لام الابتداء، لأنها لا تدخل على الفعل الا في باب { أن } ولا تدخل على الماضي. و { ما } في قوله " لبئس ما " قيل فيها قولان: أحدهما - أن تكون { ما } كافة لـ { بئس } كما تكف في { إِنما } و { بعدما } و { ربما } ) والآخر - أن تكون اسماً نكرة كأنه قال: بئس شيئاً فعلوه، كما تقول بئس رجلا كان عندك.

وفي الآية دلالة على وجوب انكار المنكر، لأن كل شئ ذم الله عليه فواجب تركه إِلا أن يقيد بوقت يخصه، لأن ظاهر ذلك يقتضي قبحه، والتحذير منه. والمنكر هو القبيح، سمي بذلك لأنه ينكره العقل من حيث أن العقل يقبل الحسن ويعترف به، ولا يأباه وينكر القبيح ويأباه والانكار ضد الاقرار. فما يقر به العقل هو الحق، وما ينكره، فهو الباطل.

وقيل في معنى { المنكر } - ها هنا - ثلاثة أقوال: أحدها صيد السمك في السبت. والثاني - أخذ الرشوة في الحكم. والثالث - أكل الربا وأثمان الشحوم. وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " لا قدست أمَّة لا تأخذ لضعيفها حقه غير مضيع ".