الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاَةِ ٱتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ }

النداء والدعاء بمد الصوت على طريقة يا فلان وأصله ندى الصوت وهو بعد مذهبه وضجة جرمه. ومنه قولهم: أناديك ولا أناجيك أي أعالنك النداء، ولا أسر لك النجوى، وأصل الباب الندو، وهو الاجتماع يقال ندى القوم يندون ندواً اذا اجتمعوا في النادي، ومنه دار الندوة وندى الماء، لانه يجتمع قليلا قليلا وندى الصوت لانه عن جرم ندي.

أخبر الله تعالى عن صفة الكفار الذين نهى الله المؤمنين عن اتخاذهم أولياء بانهم اذا نادى المؤمنون الى الصلاة ودعوا اليها اتخذوها هزواً ولعباً وفي معنى ذلك قولان:

قال قوم: إِنهم كانوا اذا أذن المؤمنون للصلاة تضاحكوا فيما بينهم وتغامزوا على طريق السخف والجنون تجهيلا لاهلها، وتنفيراً للناس عنها، وعن الداعي اليها.

الثاني - أنهم كانوا يرون المنادي اليها بمنزلة اللاعب الهازئ بفعلها جهلا منهم بمنزلها وقال أبو ذهيل الجمحي:
وابرزتها من بطن مكة بعدما   أصات المنادي بالصلاة فأعتما
وقوله تعالى: { بأنهم قوم لا يعقلون } قيل في معناه قولان:

أحدهما - انهم لا يعقلون ما لهم في اجابتهم لو أجابوا اليها من الثواب، وما عليهم في استهزائهم بها من العقاب.

الثاني - انهم بمنزلة من لا عقل له يمنعه من القبائح ويردعه عن الفواحش وقال السدي: كان رجل من النصارى بالمدينة فسمع المؤذن ينادي أشهد أن لا اله إِلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: حرق الكاذب فدخلت خادمة له ليلة بنار وهو نائم وأهله فسقطت شرارة فأحرق البيت واحترق هو وأهله.