الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ أَنَّ ٱلنَّفْسَ بِٱلنَّفْسِ وَٱلْعَيْنَ بِٱلْعَيْنِ وَٱلأَنْفَ بِٱلأَنْفِ وَٱلأُذُنَ بِٱلأُذُنِ وَٱلسِّنَّ بِٱلسِّنِّ وَٱلْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ }

قرأ الكسائي { والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن } بالرفع فيهن. وروي ذلك عن النبي (صلى الله عليه وسلم) وأنه كان يقرأ به. وقرأ نافع " الاذن " بسكون الذال حيث وقع. وقرأ نافع وعاصم وحمزة وخلف ويعقوب { والجروح قصاص } بالنصب.

قوله { وكتبنا } أي فرضنا عليهم يعني اليهود الذين تقدم ذكرهم { فيها } يعني في التوراة { أن النفس بالنفس } ومعناه إِذا قتلت نفس نفساً أخرى متعمداً أنه يستحق عليها القود إِذا كان القاتل عاقلاً مميزاً، وكان المقتول مكافياً للقاتل، أما بأن يكونا مسلمين حرين أو كافرين أو مملوكين، فأما أن يكون القاتل حراً مسلماً والمقتول كافراً أو مملوكاً فان عندنا لا يقتل. وفيه خلاف بين الفقهاء. وإِن كان القاتل مملوكاً أو كافراً أو المقتول مثله أو فوقه فانه يقتل به - بلا خلاف -.

وقوله: { والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص } من نصب جميع ذلك عطفه على المنصوب بواو الاشتراك ثم استأنف، فقال والجروح قصاص. ومن نصب الجروح عطفها على ما قبلها من المنصوبات. ومن لم ينصب غير النفس فعلى أن ذلك هو المكتوب عليهم. ثم ابتدأ ما بعده بياناً مبتدأ. ويحتمل أن يكون الواو عاطفة جملة على جملة ولا يكون الاشتراك فيمن نصب. ويحتمل أن يكون حمل على المعنى، لأن التقدير قلنا لهم { إن النفس بالنفس } فحمل { العين بالعين } على المعنى دون اللفظ. ويحتمل أن يكون عطف على الذكر المرفوع في الظرف الذي هو الخبر، وإِن لم يؤكد المعطوف عليه بضمير منفصل، كما قاللو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا } فلم يؤكد كما أكد في قوله:يراكم هو وقبيله } ذكر الوجوه الثلاثة الزجاج، وأبو علي الفارسي ومن نصب الجميع جعل الكل فيما كتب عليهم.

هذا وإِن كان إِخبار من الله أنه ما كتب عليهم في التوراة فانه لا خلاف أن ذلك ثابت في هذا الشرع ويراعى في قصاص الاعضاء ما يراعى في قصاص النفس من التكافؤ. ومتى لم يكونا متكافئين، فلا قصاص على الترتيب الذي رتبناه في النفس سواء. وفيه أيضاً خلاف، ويراعى في الاعضاء التساوي أيضاً، فلا تقلع العين اليمنى باليسرى، ولا تقطع اليمين باليسار. وتقطع الناقصة بالكاملة. فمن قطع يمين غيره وكانت يمين القاطع شللاً. قال أبو علي: يقال له إِن شئت قطعت يمينه الشلاء أو تأخذ دية يدك. وقد ورد في أخبارنا أن يساره تقطع إِذا لم يكن للقاطع يمين، فأما عين الأعور، فانها تقلع بالعين التي قلعها سواء كانت المقلوعة عوراء أو لم تكن. وان قلعت العين العوراء كان فيها كمال الدية إِذا كانت خلقة أو ذهبت بآفة من الله أو يقلع احدى عيني القالع ويلزمه مع ذلك نصف الدية.

السابقالتالي
2