الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْأَلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِّنَ ٱلْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ ٱللَّهُ فَكُلُواْ مِمَّآ أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ }

موضع (ما) رفع ويحتمل أن يكون وحدها اسما وخبرها قوله: (ذا) واحل من صلة ذا. وتقديره أي شيء الذي احل لهم؟ ويحتمل أن يكون ما وذا اسما واحداً، ورفع بالابتداء وتقديره أي شيء احل لهم؟ واحل لهم خبر الابتداء. فمعنى الآية يسألك يا محمد اصحابك ما الذي احل لهم اكله من المطاعم، فقل لهم: احل لكم الطيبات منها وهي الحلال الذي أذن لكم ربكم في أكله من الذبائح على قول الطبري والجبائي، وغيرهما وقال البلخي: الطيبات هو ما يستلذ به. قال قوم: واحل لكم ايضاً مع ذلك صيد ما علمتم من الجوارح وهي الكواسب من سباع الطير، والبهائم ولا يجوز أن يستباح عندنا أكل شيء مما اصطاده الجوارح من السباع سوى الكلب إلا ما ادرك ذكاته. وسميت الطير جوارح، لجرحها أربابها وكسبها اياهم أقواتهم من الصيد يقال منه: جرح فلان أهله خيراً إذا كسبهم خيراً. وفلان جارحة أهله يعني كاسبهم، ولا جارحة لفلانة أي لا كاسب لها قال اعشى بني ثعلبة:
ذات خد منضج ميسمها   تذكر الجارح ما كان اجترح
يعني اكتسب. وقوله: { وما علمتم } تقديره وصيد ما علمتم من الجوارح وحذف لدلالة الكلام عليه، لان القوم على ما روي كانوا سألوا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حين أمرهم بقتل الكلاب عما يحل لهم اتخاذه منها، وصيده. فأنزل الله (تعالى) فيما سألوا عنه هذه الآية، فاستثنى (عليه السلام) مما كان حرم اتخاذه منها، وأمر بقتله كلاب الصيد، وكلاب الماشية، وكلاب الحرث وأذن في اتخاذ ذلك ذكرت ذلك سلمى ام رافع عن أبي رافع. قال جاء جبرائيل إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) يستأذن عليه، فاذن له فقال: قد اذنا لك يا رسول الله فقال: اجل ولكنا لا ندخل بيتاً فيه كلب. قال ابو رافع: فأمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن أقتل كل كلب بالمدينة، فقتلت حتى انتهيت إلى امرأة عندها كلب ينبح عليها، فتركته رحمة لها. وجئت إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فاخبرته، فأمرني فرجعت، وقتلت الكلب، فجاؤا فقالوا: يا رسول الله ما يحل لنا من هذه الامة التي أمرت بقتلها، فسكت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فانزل الله { يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين } وبه قال عكرمة ومحمد بن كعب القرطي واختلفوا في الجوارح التي ذكر الي الاية: بقوله: { وما علمتم من الجوارح مكلبين } فقال قوم: هو كل ما علم فصيد فيتعلمه بهيمة كانت او طائراً. ذهب اليه الحسن، ومجاهد وحثيمة بن عبد الرحمن. ورووه عن ابن عباس، وطاووس وعلي بن الحسين وابي جعفر (ع) وقالوا: الفهد والبازي من الجوارح.

السابقالتالي
2 3 4