الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَّا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُواْ بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ ٱلنَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ }

أخبر الله تعالى في هذه الآية { إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعاً ومثله معه } وافتدوا بجميع ذلك من العذاب الذي يستحقونه على كفرهم { ما تقبل منهم }.

والذين في موضع نصب بان وخبر (ان) الجملة في (لو) وجوابها. وقوله: { ولهم عذاب أليم } يحتمل أمرين:

أحدهما - أن يكون في موضع الحال.

والثاني - أن يكون عطفاً على الخبر، ولا يجوز أن يكون خبراً من { يريدون } أن يخرجوا من النار، وما هم بخارجين منها. و (لو) في موضع الحال كما تقول مررت بزيد لو رآه عدوه لرحمه، لأنه في موضع معتمد الفائدة مع أن الثاني في استئناف (إِنه) ولا يحكم بقطع الخبر، وإِنما اجيبت (لو) بـ (ما) ولم يجز أن يجاب (أن) بـ (ما) لأن (ما) لها صدر الكلام وجواب (لو) لا يخرجها من هذا المعنى كما لا يخرجها جواب القسم، لأنه غير عامل. و (أن) عاملة فلذلك صلح أن يجاب بـ (لا) ولم يصلح بـ (ما) كقولك إِن تأتي لا يلحقك سوء، ولا يجوز (ما) لأن (لا) تنفي عما بعدها ما وجب لما قبلها في أصل موضوعها كقولك قام زيد لا عمرو و (ما) تنفي عما بعدها ما لم يجب لغيرها، فلذلك كان لها صدر الكلام. وإِنما نفى الله أن يقبل منهم فدية من غير تقييد بالتوبة، لأمرين:

أحدهما لأنهم لا يستحقون هذه الصفة لو وقعت منهم التوبة مع البيان عن أن الآخرة لا تقبل فيها توبة.

الثاني ان ذلك مقيد بدليل العقل والسمع الذي دل على وجوب اسقاط العقاب عند التوبة كقولهغافر الذنب وقابل التوب } وعندنا أنه لم يقيده بالتوبة لأن التوبة لا يجب اسقاط العقاب عندها عندنا. وإِنما يتفضل الله بذلك عند التوبة فأراد الله أن يبين أن الخلاص من عقابه الذي استحق على الكفر به ومعاصيه لا يستحق على وجه. وإِنما يكون ذلك تفضلا على كل حال.

واللام في قوله: { ولهم عذاب أليم } لام الملك لأن حقيقتها الاضافة على معنى الاختصاص غير أنها إذا اضيفت تصح أن يكون فعلاً إِلى ما يصح أن يكون فاعلاً فالاضافة بمعنى اضافة الفعل الى الفاعل نحو " إِن قام زيد " ويجوز أن يكون على معنى المفعول بقرينة ككلام زيد ونحوه. وقوله: { لو أن لهم ما في الأرض جميعاً } يدل على أنه ليس لهم ما في الارض جميعاً، لأنه لو كان لهم لكان الأبلغ أن يقال يسلبون النعمة به من غير فدية تسقط عنهم شيئاً من العقوبة. وقوله: { يريدون أن يخرجوا من النار } في معناه ثلاثة أقوال:

أحدها - قال أبو علي معناه يتمنون أن يخرجوا منها فجعل الارادة ها هنا تمنياً.

السابقالتالي
2