هذا إخبار عن قوم موسى أنهم قالوا: لا ندخل هذه المدينة ما دام الجبارون فيها، لانهم جنبوا وخافوا من قتال الجبارين لعظم أجسامهم وشدة بطشهم، ولم يثقوا بوعد نبيهم بالنصر لهم عليهم والغلبة لهم. وقوله { فاذهب أنت وربك } إِنما أبرز الضمير ليصح العطف عليه، لانه لا يجوز العطف على الضمير قبل أن يؤكد. وإنما جاز في قوله{ فأجمعوا أمركم وشركاءكم } ذلك، لأن ذكر المفعول صار عوضاً عن المنفصل مثل (لا) في{ لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا } وإنما لم يقرن قوله { اذهب أنت وربك فقاتلا } بالنكير - إِذ الذهاب لا يجوز عليه تعالى - لأمرين: أحدهما - لأن الكلام كله يدل على الافكار عليهم والتعجب من جهلهم في تلقيهم أمر نبيهم بالردِّ له والمخالفة عليه. الثاني - لانهم قالوا ذلك على المجاز بمعنى وربك معين لك - على ما ذكره البلخي - والأول أقوى لأنه أظهر من أولئك الجهال. وإنما يتأول على ما قاله البلخي لو كانوا ممن لا يجوز عليهم مثل ذلك. وقال الحسن: هذا القول منهم يدل على أنهم كانوا مشبهة وأنهم كفروا بذلك بالله. وقال أبو علي: إِن كانوا قالوه على وجه الذهاب من مكان الى مكان فهو كفر، لان ذلك جل بالله تعالى. وإِن قالوه على وجه الخلاف فهو فسق. فان قيل: هل يجوز وصفه تعالى بالقتال كما قال{ قاتلهم الله أنى يؤفكون } قلنا: هذا مجاز، والمعنى إِن عداوته لهم عداوة المقاتل، وانه يحل بهم ما يحله بالمقاتل المستعلي بالاقتدار وعظم السلطان، وليس كذلك قول هؤلاء الجهال.