الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ ٱللَّهِ وَلاَ ٱلشَّهْرَ ٱلْحَرَامَ وَلاَ ٱلْهَدْيَ وَلاَ ٱلْقَلاۤئِدَ وَلاۤ آمِّينَ ٱلْبَيْتَ ٱلْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَٱصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلْبرِّ وَٱلتَّقْوَىٰ وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }

[القراءة]:

قرأ أبو بكر عن عاصم، وابو جعفر واسماعيل المسيبي { شنئآن } بسكون النون الاولى في الموضعين. الباقون بفتحها وقرأ ابن كثير وأبو عمر { وإن صدوكم } بكسر الهمزة الباقون بفتحها.

[المعنى]:

هذا خطاب من الله (تعالى) للمؤمنين ينهاهم ان يحلوا شعائر الله. واختلفوا في معنى شعائر الله على سبعة اقوال:

فقال بعضهم: معناه لا تحلوا حرمات الله، ولا تعدوا حدوده، وحملوا الشعائر على المعالم. وارادوا بذلك معالم حدود الله وأمره ونهيه، وفرائضه ذهب اليه عطا وغيره.

وقال قوم: معناه لا تحلوا حرم الله وحملوا شعائر الله على معالم حرم الله من البلاد. ذهب اليه السدي.

وقال اخرون: معنى شعائر الله مناسك الحج. والمعنى لا تحلوا مناسك الحج، فتضيعوها. ذهب اليه ابن جريج، ورواه عن ابن عباس.

وقال ابن عباس: كان المشركون يحجون البيت، ويهدون الهدايا، ويعظمون حرمة المشاعر، ويتجرون في حججهم، فاراد المسلمون أن يغيروا عليهم، فنهاهم الله عن ذلك.

وقال مجاهد: شعائر الله الصفا والمروة والهدي من البدن، وغيرها. كل هذا من شعائر الله.

وقال الفراء كانت عامة العرب لا ترى الصفا والمروة من الشعائر، ولا يطوفون بهما، فنهاهم الله عن ذلك وهو قول ابي جعفر (عليه السلام).

وقال قوم: معناه لا تحلوا ما حرم الله عليكم في إحرامكم. روي ذلك عن ابن عباس في رواية اخرى.

وقال الجبائي الشعائر: العلامات المنصوبة للفرق بين الحل، والحرم نهاهم الله أن يتجاوزوها إلى مكة بغير إحرام. وقال الحسين بن علي المغربي: المعنى لا تحلوا الهدايا المشعرة. وهو قول الزجاج واختاره البلخي. وأقوى الاقوال قول عطا من أن معناه، لا تحلوا حرمات الله، ولا تضيعوا فرائضه لان الشعائر جمع شعيرة وهي. على وزن فعيلة، واشتقاقها من قولهم: شعر فلان بهذا الامر: إذا علم به، فالشعائر المعالم من ذلك، وإذا كان كذلك، وجب حمل الآية على عمومها، فيدخل فيه مناسك الحج، وتحريم ما حرم في الاحرام، وتضييع ما نهى عن تضييعه واستحلال حرمات الله، وغير ذلك من حدوده وفرائضه وحلاله وحرامه، لان كل ذلك من معالمه، فكان حمل الآية على العموم اولى.

وقوله: { ولا الشهر الحرام } معناه ولا تستحلوا الشهر الحرام بقتالكم فيه اعداءكم من المشركين، كما قال: { يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير } وهو قول ابن عباس وقتادة. والشهر الحرام الذي عناه الله ها هنا قال قوم: هو رجب، وهو شهر كانت مضر تحرم فيه القتال. وقال قوم: هو ذو العقدة. ذكره عكرمة. وقال ابو علي الجبائي: هو اشهر الحرام كلها، نهاهم الله عن القتال فيها. وهو اليق بالعموم. وبه قال البلخي.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7