الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ يَا أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ }

هذا خطاب للمؤمنين ذكرهم الله نعمته عليهم حين هم قوم أن يبسطوا اليهم أيديهم. واختلفوا في الباسطين أيديهم على خمسة اقوال:

فقال مجاهد وقتادة وابو مالك: هم اليهود هموا بأن يقتلوا النبي (صلى الله عليه وسلم) لما مضى إلى بني قريظة يستعين بهم على دية مقتولين من بني كلاب بعد بئر معونة كانا وفدا على النبي (صلى الله عليه واله) فلقيهما عمرو بن أمية الضمري فقال: أمسلمين؟ فقالا: بل رافدين، فقتلهما، فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم) " قتلت قتيلين قبل أن يبلغا الماء والله لادينهما " ومضى إلى يهود بني قريظة يستعين بهم.

وقيل: كان يستقرض لأجل الدية لانه كل يحملها، فهمت بنو قريظة بالفتك به وبقتله، فأعلم الله تعالى النبي (صلى الله عليه وسلم) ذلك فانصرف عنهم.

وقال الحسن: إنما بعثت قريش رجلا ليفتك بالنبي (صلى الله عليه واله) فاطلع الله نبيه على امره ومنعه الله منه، لانه دخل على النبي (صلى الله عليه وسلم) وسيفه مسلول فقال له: أرنيه فاعطاه اياه، فلما حصل في يده قال: ما الذي يمنعني من قتلك؟ فقال النبي (صلى الله عليه واله) " الله يمنعك فرمى بالسيف وأسلم " واسم الرجل عمرو بن وهب الجمحي بعثه صفوان بن أمية ليغتاله (صلى الله عليه واله) بعد بدر، فاعلمه الله ذلك. وكان ذلك سبب إسلام عمرو بن وهب.

وقال الواقدي. غزا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) جمعاً من بني ذبيان ومحارب بذي أمر فتحصنوا برؤوس الجبال، ونزل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بحيث يراهم، فذهب لحاجته فاصابه مطر فبل ثوبه، فنشره على شجرة واضطجع تحته بعيداً من أصحابه، والاعراب ينظرون اليه فاخبروا سيدهم دعشور بن الحارث المحاربي فجاء حتى وقف على رأسه بالسيف مشهوراً، فقال: يا محمد (صلى الله عليه وسلم) من يمنعك منى اليوم؟ فقال: الله ودفع جبرائيل في صدره ووقع السيف من يده، فاخذه رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وقام على رأسه وقال: من يمنعك مني اليوم؟ فقال: لا احد وانا اشهد ان لا اله إلا الله، وان محمداً رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فنزلت الآية.

وقال ابو علي الجبائي المعني بذلك ما لطف الله (تعالى) المسلمين من كف أعدائهم عنهم حين هموا باستئصالهم باشياء شغلهم بها من الامراض والقحط، وموت الاكابر، وهلاك المواشي وغير ذلك من الاسباب التي انصرفوا عندها عن قتل المؤمنين:

وقال ابن عباس. كانت اليهود دعوا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى طعام لهم، وعزموا على الفتك به، فاعلم الله ذلك نبيه (صلى الله عليه وسلم) فلم يحضر.

السابقالتالي
2