الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِنْ عُثِرَ عَلَىٰ أَنَّهُمَا ٱسْتَحَقَّآ إِثْماً فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِٱللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا ٱعْتَدَيْنَآ إِنَّا إِذاً لَّمِنَ ٱلظَّالِمِينَ }

قرأ حفص والاعشى الا النفار والكسائي عن ابي بكر { استحق } بفتح التاء والحاء. الباقون - بضم التاء وكسر الحاء - والابتداء على الاول بكسر الهمزة. وقرأ حمزة وأبو بكر إِلا الاعشى - في غير رواية النفار - ويعقوب، وخلف { الأوَّلين } بتشديد الواو، وكسر اللام وفتح النون على الجمع. والباقون بسكون الواو، وفتح اللام وكسر النون على التثنية.

وقد ذكرنا سبب نزول الآية عمن رويناه عنه فذكروا أنها نزلت في أمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ان يستحلفوهما (والله ما قبضنا له غير هذا ولا كتمناه) ثم ظهر على إِناء من فضة منقوش مذهب معهما، فقالوا: هذا من متاعه، فقالا: اشتريناه منه، فارتفعوا إلى رسول الله فنزلت قوله تعالى: { فإن عثر على أنهما استحقا إثما فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق.. } فامر رسول الله رجلين من أهل البيت أن يحلفا على ما كتما وغيبا، وفحلف عبد الله ابن عمر والمطلب بن أبي وداعة فاستحقا. ثم ان تميما اسلم وتابع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وكان يقول: صدق الله، وبلغ رسول الله، أنا أخذت الاناء.

ومعنى { عثر } ظهر على، تقول: عثرت على خيانته وأعثرت غيري على خيانته أي أطلعته. ومنه قولهوكذلك أعثرنا عليهم } أي أطلعنا عليهم وأصله الوقوع بالشيء من قولهم: عثر الرجل يعثر عثوراً اذا وقع اصبعه بشيء صدمته، وعثر الفرس عثاراً قال الشاعر:
بذات لوث عفرناة اذا عثرت   فالتعس أدنى لها من أن أقول لعا
وأعثر الرجل يعثر عثراً اذا أطلع على أمر كان خافياً عنه، لأنه وقع عليه بعد خفائه، والعثير الغبار الساطع، لانه يقع على الوجه وغيره، والعثير الاثر الخفي، لأنه يوقع عليه من خفاء.

وقوله: { على أنهما } يعني على أن الوصيين المذكورين أولا في قوله { اثنان } في قول سعيد بن جبير. وقال ابن عباس: على أن الشاهدين استحقا اثما يعني خانا وظهر وعلم منهما ذلك { فآخران يقومان مقامهما } يعني من الورثة - في قول سعيد بن جبير وغيره - و { من الذين استحق عليهم الأوليان } قيل في قوله { الأوليان } ثلاثة أقوال:

أحدها - قال سعيد بن جبير وابن زيد: الاوليان بالميت. الثاني قال ابن عباس وشريح: الاوليان بالشهادة وهي شهادة الايمان. الثالث قال الزجاج: الاوليان أن يحلفا غيرهما وهما النصرانيان. ويقال هو الاولى بفلان ثم يحذف بفلان فيقال: هو الاولى، وهذان الاوليان كما يقال هو الاكبر بمعنى الكبير وهذان الاكبران. وفي رفع الاوليان ثلاثة أقوال:

أحدها - بانه اسم ما لم يسم فاعله والمعنى استحق عليهم اثم الاولين أي استحق منهم، فحذف المضاف واقيم المضاف اليه مقامه.

الثاني - بانه بدل من الضمير { في يقومان } على معنى فليقم الاوليان من الذين استحق عليه الوصية وهو اختيار الزجاج.

السابقالتالي
2 3