الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَآ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ }

أخبر الله تعالى عن الكفار الذين أخبر عنهم أنهم لا يعقلون، والذين جعلوا البحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحام، و { الذين يفترون على الله الكذب } من كفار قريش وغيرهم من العرب بأنه { إذا قيل لهم تعالوا } أي هلموا { إلى ما أنزل الله } من القرآن واتباع ما فيه، والاقرار بصحته { وإلى الرسول } وتصديقه، والاقتداء به وبأفعاله { قالوا } في الجواب عن ذلك { حسبنا } أي كفانا { ما وجدنا عليه آباءنا } يعني مذاهب آبائنا. ثم اخبر تعالى منكراً عليهم فقال { أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئاً ولا يهتدون } أي إِنهم يتبعون آباءهم في ما كانوا عليه من الشرك وعبادة الأوثان وإِن كان آباؤهم لا يعلمون شيئاً من الدين ولا يهتدون اليه. وقيل في معنى (لا يهتدون) قولان احدهما - الذم بأنهم ضلال. والثاني - أنهم لا يهتدون الى طريق العلم بمنزلة العمي عن الطريق.

وفي الآية دلالة على فساد التقليد، لأن الله تعالى أنكر عليهم تقليد الآباء فدل ذلك على أنه لا يجوز لأحد أن يعمل على شيء من أمر الدين إِلا بحجة.

وفيها دلالة على وجوب المعرفة وأنها ليست ضرورية، لأن الله تعالى بين الحجاج عليهم في هذه الآية ليعرفوا صحة ما دعا الرسول اليه، ولو كانوا يعرفون الحق ضرورة لم يكونوا مقلدين لآبائهم وكان يجب أن يكون آباؤهم أيضاً عارفين ضرورة، ولو كانوا كذلك لما صح الاخبار عنهم بأنهم لا يعلمون شيئاً ولا يهتدون. وانما نفى عنهم الاهتداء والعلم معاً لان بينهما فرقاً، وذلك أن الاهتداء لا يكون إِلا عن بيان وحجة. والعلم مطلق وقد يكون الاهتداء ضرورة.