قرأ ابن كثير إلا ابن فليح { شطأه } بفتح الطاء ومثله ابن ذكوان. الباقون باسكانها. وقرأ اهل الشام { فازره } مقصور، الباقون بالمد، وهما لغتان من فعل الشيء وفعله غيره نحو كسبت مالا وكسبني غيرى، ونزحت البئر ونزحتها ويقال: أزر النبت وآزره غيره. وقوله { إذ جعل } متعلق بقوله { لعذبنا الذين كفروا منهم عذاباً أليماً إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية } يعني الأنفة. ثم فسر تلك الأنفة، فقال { حمية الجاهلية } الاولى يعني عصبتهم لآلهتم من أن يعبدوا غيرها. وقال الزهري: هي انفتهم من الاقرار لمحمد بالرسالة. والاستفتاح بـ { بسم الله الرحمن الرحيم } على عادته فى الفاتحة، حيث أراد ان يكتب كتاب العهد بينهم. ودخولهم مكة لاداء العمرة. ثم قال تعالى { فأنزل الله سكينته على رسوله } أي فعل به صلى الله عليه وآله من اللطف والنعمة ما سكنت اليه نفسه وصبر على الدخول تحت ما أرادوه منه { وعلى المؤمنين } أي ومثل ذلك فعل بالمؤمنين { وألزمهم كلمه التقوى } قال ابن عباس وقتادة: كلمة التقوى قول: لا إلا إلا الله محمد رسول الله. وقال مجاهد: هي كلمة الاخلاص { وكانوا أحق بها وأهلها } يعني المؤمنين كانوا أهلها واحق بها. قال الفراء: ورأيتها فى مصحف الحارث بن سويد التميمي من أصحاب عبد الله { وكانوا أهلها واحق بها } وهو تقديم وتأخير، وكان مصحفه دفن أيام الحجاج. وقيل: ان التقدير كانوا أحق بنزول السكينة عليهم وأهلاً لها. وقيل: المعنى فكانوا أحق بمكة أن يدخلوها وأهلها. وإنما قال { أحق } لأنه قد يكون حق أحق من حق غيره، لأن الحق الذي هو طاعة يستحق به المدح أحق من الحق الذي هو مباح لا يستحق به ذلك { وكان الله بكل شيء عليماً } لما ذم الكفار تعالى بحمية الجاهلية ومدح المؤمنين بالسكينة والزوم الكلمة الصادقة بين علمه ببواطن أمورهم وما تنطوي عليه ضمائرهم إذ هو العالم بكل شيء من المعلومات. وقوله { لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام } قسم من الله تعالى ان النبي صلى الله عليه وآله صادق فى قوله انه رأى فى المنام انه يدخل هو والمؤمنون المسجد الحرام، وانه لا بد من كون ذلك. وقوله { إن شاء الله آمنين } قال قوم تقييد لدخول الجميع او البعض. وقال قوم: ليس ذلك شرطاً لأنه بشارة بالرؤيا التي رآها النبي صلى الله عليه وآله وطالبه الصحابة بتأويلها وحققها. قوله { لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق } ثم استؤنف على طريق الشرح والتأكيد { لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله } على الفاظ الدين، كأنه قيل بمشيئة الله، وليس ينكر أن يخرج مخرج الشرط ما ليس فيه معنى الشرط، كما يخرج مخرج الأمر ما ليس فى معنى الأمر لقرينة تصحب الكلام.