الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ ٱلأَمْرِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ } * { فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ } * { ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ ٱتَّبَعُواْ مَآ أَسْخَطَ ٱللَّهَ وَكَرِهُواْ رِضْوَٰنَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَٰلَهُمْ } * { أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ ٱللَّهُ أَضْغَانَهُمْ } * { وَلَوْ نَشَآءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ ٱلْقَوْلِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ }

قرأ اهل الكوفة إلا أبا بكر { إسرارهم } بكسر الهمزة على انه مصدر. الباقون بفتحها على انه جمع سر.

لما اخبر الله تعالى عن حال المرتدين على اعقابهم والراجعين عن إظهار الحق خلافه، بين لم فعلوا ذلك، فقال { ذلك بأنهم } يعني الشياطين { قالوا للذين كرهوا ما أنزل الله } من القرآن وما أمرهم به من الأمر والنهي والحلال والحرام وشبهوا عليهم ذلك ومالوا إلى خلافه. وقيل: هذا قول اليهود للمنافقين { سنطيعكم في بعض الأمر } أي نفعل بعض ما تريدونه من الميل اليكم وإعطاء شهواتكم.

ثم قال { والله يعلم إسرارهم } أي بواطنهم - فمن فتح الهمزة، ومن كسرها - أراد يعلم ما يسرونه. ثم قال { فكيف إذا توفتهم الملائكة } والمعنى كيف حالهم إذا توفتهم الملائكة وحذف تفخيماً لشأن ما ينزل بهم { يضربون وجوههم وأدبارهم } على وجه العقوبة لهم فى القبر ويوم القيامة.

ثم بين تعالى لم يفعل الملائكة بهم ذلك، فقال { ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله } يعني المعاصي التى يكرهها الله ويعاقب عليها { وكرهوا رضوانه } أي كرهوا سبب رضوانه من الايمان والطاعات والامتناع من القبائح { فأحبط أعمالهم } أي حكم بأنها باطلة محبطة لا يستحق عليها الثواب.

ثم قال { أم حسب الذين في قلوبهم مرض } أي نفاق وشك يظنون { أن لن يخرج الله أضغانهم } أي احقادهم مع المؤمنين ولا يظهرها ولا يبدي عوراتهم للنبي صلى الله عليه وآله { ولو نشاء لأريناكهم } يعني المنافقين بأعيانهم، ولو شئت لعرفتكهم حتى تعرفهم. ثم قال { فلعرفتهم بسيماهم } أي بعلاماتهم التي نصبها الله لكم، يعرفهم بها يعني الامارات الدالة على سوء نياتهم. ثم قال { ولتعرفنهم في لحن القول } أي فى فحوى أقوالهم ومتضمنها. ومنه قوله صلى الله عليه وآله " ولعل بعضكم ألحن بحجته " أي أذهب بها فى الجهات لقوته على تصريف الكلام، واللحن الذهاب عن الصواب فى الاعراب، واللحن ذهاب الكلام إلى خلاف جهته. ثم قال { والله يعلم أعمالكم } الطاعات منها والمعاصي، فيجازيكم بحسبها.