الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَٰلَهُمْ } * { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَآمَنُواْ بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ } * { ذَلِكَ بِأَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلْبَاطِلَ وَأَنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ } * { فَإِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَضَرْبَ ٱلرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّواْ ٱلْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَآءُ اللَّهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَـٰكِن لِّيَبْلُوَاْ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ } * { سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ }

خمس آيات كوفي وست في ما عداه.

قرأ اهل البصرة وحفص عن عاصم { والذين قتلوا } على ما لم يسم فاعله بضم القاف وكسر التاء. الباقون { قاتلوا } بألف من المفاعلة. وقرىء شاذاً { قتلوا } بفتح القاف وتشديد التاء. من قرأ بألف كان أعم فائدة، لأنه يدخل فيه من قتل. ومن قرأ بغير الف لم يدخل فى قراءته القاتل الذى لم يقتل وكلاهما لم يضل الله أعمالهم، فهو اكثر فائدة. ومن قرأ بغير الف خص هذه الآية بمن قتل. وقال: علم أن الله لم يضل اعمال من قاتل بدليل آخر ولأن من قاتل لم يضل عمله بشرط ألا يحبط عند من قال بالاحباط، وليس من قتل كذلك، لانه لا يضل الله أعمالهم على وجه بلا شرط، ولأنه لا يقتل إلا وقد قاتل فصار معناهما واحد.

قال مجاهد عن ابن عباس إن قوله { الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله } نزلت فى أهله مكة. وقوله { والذين آمنوا وعملوا الصالحات } فى الانصار.

يقول الله تعالى مخبراً بأن الذين جحدوا توحيد الله وعبدوا معه غيره وكذبوا محمداً نبيه صلى الله عليه وآله فى الذي جاء به وصدوا من أراد عبادة الله والاقرار بتوحيده وتصديق نبيه عن الدين، ومنعوه من الاسلام { أظل أعمالهم } ومعناه حكم الله على أعمالهم بالضلال عن الحق والعدول من الاستقامة وسماها بذلك لأنها عملت على غير هدى وغير رشاد. والصد عن سبيل الله هو الصرف عن سبيل الله بالنهي عنه والمنع منه. والترغيب في خلافه، وكل ذلك صد، فهؤلاء كفروا فى أنفسهم ودعوا غيرهم إلى مثل كفرهم، والضلال الاهلاك حتى يصير بمنزلة ما لم يعمل، وليس في الآية ما يدل على القول بصحة الاحباط إذا حملناها على ما قلناه. ومن قال بالتحابط بين المستحقين لا بد ان يترك ظاهر الآية.

ثم قال { والذين آمنوا وعملوا الصالحات } يعني صدقوا بتوحيد الله والاقرار بنبوة نبيه واضافوا إلى ذلك الاعمال الصالحات { وآمنوا بما نزل على محمد } من القرآن والعبادات وغيرها { وهو الحق من ربهم } الذي لا مرية فيه { كفر الله عنهم سيئاتهم } وقوله { وهو الحق } يعني القرآن - على ما قاله قوم - وقال آخرون إيمانهم بالله وبالنبي صلى الله عليه وآله { هو الحق من ربهم } أي بلطفه لهم فيه وحثه عليه وأمره به. ومعنى تكفير السيئات هو الحكم باسقاط المستحق عليها من العقاب، فاخبر تعالى انه متى فعل المكلف الايمان بالله والتصديق لنبيه أسقط عقاب معاصيه حتى يصير بمنزلة ما لم يفعل. وقوله { وأصلح بالهم } قال قتادة: معناه وأصلح حالهم في معائشهم وأمر دنياهم. وقال مجاهد: واصلح شأنهم، والبال لا يجمع، لأنه ابهم أخواته من الحال والشأن.

السابقالتالي
2