الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِيۤ أَصْحَابِ ٱلْجَنَّةِ وَعْدَ ٱلصِّدْقِ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ } * { وَٱلَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَآ أَتَعِدَانِنِيۤ أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ ٱلْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ ٱللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ } * { وَلِكُلٍّ دَرَجَٰتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَٰلَهُمْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } * { وَيَوْمَ يُعْرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى ٱلنَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَـٰتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ ٱلدُّنْيَا وَٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ }

قرأ " نتقبل، ونتجاوز " بالنون فيهما حمزة والكسائي وخلف، على وجه الاخبار من الله عن نفسه ولقوله { ووصينا } الباقون بالياء فيهما، على ما لم يسم فاعله. وروى هشام " اتعداني " بنون مشددة. الباقون بنونين. وقرأ ابن كثير وأهل البصرة وعاصم إلا الكسائي عن ابي بكر والحلواني عن هشام { وليوفينهم } بالياء. الباقون بالنون. وقرأ ابن ذكوان وروح { أاذهبتم } بهمزتين مخففتين على الاستفهام. وقرأ ابن كثير وابو جعفر وهشام بتخفيف الاولى وتليين الثانية وفصل بينهما بالف ابو جعفر والحلواني عن هشام. الباقون بهمزة واحده على الخبر.

لما اخبر تعالى بما أوصى به الانسان ان يعمله ويقوله عند بلوغ أشده اخبره بعده بما يستحقه من الثواب إذا فعل ما أمره به تعالى فقال { أولئك } يعني الذين فعلوا ما وصيناهم به من التائبين المسلمين هم { الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا } من قرأ بالنون اضاف الفعل إلى الله وانه أخبر عن نفسه بأنه يفعل بهم. ومن قرأ بالياء والضم فيهما لم يذكر الفاعل لانه معلوم أن المراد به أن الله الذي يتقبل الطاعات ويجازي عليها. وقوله { أحسن ما عملوا } يعني ما يستحق به الثواب من الواجبات والمندوبات، لأن المباحات وإن كانت حسنة لا يستحق بها الثواب ولا توصف بأنها متقبلة، لانه لا يتقبل إلا ما ذكرناه من واجب او ندب.

ثم قال { ونتجاوز عن سيئاتهم } التي اقترفوها فلا نؤاخذهم بها إذا تابوا منها أو اردنا أن نتفضل عليهم باسقاطها، وقوله { في أصحاب الجنة } أي هم فى اصحاب الجنة { وعد الصدق } أي وعدهم وعد الصدق لا الكذب، فهو نصب على المصدر { الذي كانوا يوعدون } به فى دار الدنيا إذا اطاعوا الله.

ثم اخبر تعالى عن حال { الذي قال } أي الذي يقول { لوالديه أف لكما } ومعناه أنه فى موضع ضجر منهما، وقيل: معناه نتناً وقذراً لكما، كما يقال عند شم الرائحة الكريهة. وقال الحسن: هو الكافر الفاجر العاق لوالديه المكذب بالبعث وانه يتأفف بهما إذا دعواه إلى الاقرار بالبعث والنشور. وقال قوم: نزلت الآية فى عبد الرحمن بن ابي بكر قبل ان يسلم.

ثم بين أنه يقول لهما { أتعدانني أن أخرج } من القبر وأحيا وابعث { وقد خلت القرون من قبلي } أي مضت امم قبلي وماتوا فما أخرجوا ولا اعيدوا { وهما } يعني والديه { يستغيثان الله } ويقولان له { ويلك آمن إن وعد الله حق } والبعث والنشور والثواب والعقاب { فيقول } فى جوابهما { ما هذا إلا أساطير الأولين } أي ليس هذا إلا أخبار الأولين وسطروها، وليس لها حقيقة، فقال تعالى { أولئك الذين حق عليهم القول } باستحقاق العقاب وإدخالهم النار { في أمم } أي مع أمم وجماعات { قد خلت من قبلهم من الجن والإنس } على مثل حالهم ومثل اعتقادهم.

السابقالتالي
2