الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ حـمۤ } * { تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ } * { إِنَّ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لأيَٰتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ } * { وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَآبَّةٍ ءَايَٰتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } * { وَٱخْتِلاَفِ ٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَمَآ أَنَزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَّن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ ٱلرِّيَاحِ ءَايَٰتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }

خمس آيات في الكوفي واربع في الباقي، عد الكوفيون { حم } ولم يعده الباقون.

قرأ اهل الكوفة إلا عاصماً { لآيات } بالكسر فى الثلاث مواضع. الباقون بالرفع فى الثاني. والثالث. من خفض التاء فعلى أنه في موضع نصب رداً على (إن) وإنما كسرت التاء، لانها تاء جمع التأنيث. وقال المبرد: هذا بعد الواو لانه عطف على عاملين على " إن " و " في " بحرف الواو، لانه يكون عطف " وإختلاف " على (في) وعطف على (إن) بهذه الواو وحدها، فأما " آيات " الثانية فأجاز عطفها على الاولى، لان معها (فى) وتقديره إن فى خلقكم. قال ابن خالويه ليس ذلك لحناً، لان من رفع أيضاً فقد عطف على عاملين، فيكون عطف جملة على جملة ويحتمل ان يكون عطف على موضع (إن) لان موضعها الرفع، والاخفش كان يجيز العطف على عاملين، فيقول مررت بزيد فى الدار والحجرة عمرو، ويحتج بقول الشاعر:
اكل امرىء تحسبين امرأ   ونار تأجج للحرب ناراً
عطف على ما عملت فيه (كل) وما عملت فيه (تحسبين) وأجود من العطف على عاملين أن يجعل (آيات) الثانية بدلا من الأول، فيكون غير عاطف على عاملين، وتقديره إن فى السموات والأرض لآيات للمؤمنين لآيات، كما تقول: ضربت زيداً زيداً، فلا يحتاج إلى حرف العطف، ومن رفع آيات الثانية حملها على الابتداء والخبر، وجعل الثالثة تكرير الثانية بالرفع، قال الزجاج: لأنه يرفع (آيات) عطفاً على ما قبلها، كما خفض (وإختلاف) عطفاً على ما قبلها. وقال ابو علي: وجه قراءة الكسائي أنه لم يحمل على موضع (إن) كما حمله من رفع (آيات) فى الموضعين أو قطعه واستأنف، لكنه حمله على لفظ (إن) دون موضعها، فحمل (آيات) في الموضعين على نصب (إن) في قوله { إن في السماوات والأرض لآيات للمؤمنين } ويكون على تقدير إن، وإن كانت محذوفة من اللفظ ويجعلها فى حكم المثبت فيه، لان ذكره قد تقدم فى قوله { إن في السماوات } وقوله { وفي خلقكم } فلما تقدم الجار في هذين الموضعين قدر فى الاثبات فى اللفظ، وإن كان محذوفاً منه كما قدر سيبويه فى قوله:
اكل امرىء تحسبن امرءاً   [ونار تأجج للجر ناراً]
وقيل (كل) في حكم الملفوظ به واستغني عن إظهاره بتقدم ذكره، وكذلك فعلت العرب فى الجار ألا ترى أنهم لم يجيزوا (من تمرر أمرر) واجازوا (بمن تمرر أمرر) و (على أيهم تنزل انزل) فحذف الجار حسن لتقدم ذكر الجار، وعلى هذا قول الشاعر:
ان الكريم وأبيك يعتمل   إن لم يجد يوماً على من يتكل
لما ذكر (على) و (إن) كانت زائدة - فى قول سيبويه - حسن حذف الجار من الصلة، ولو لم تذكر لم يجزه.

السابقالتالي
2 3