الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ لاَ يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } * { إِلاَّ مَن رَّحِمَ ٱللَّهُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } * { إِنَّ شَجَرَتَ ٱلزَّقُّومِ } * { طَعَامُ ٱلأَثِيمِ } * { كَٱلْمُهْلِ يَغْلِي فِي ٱلْبُطُونِ } * { كَغَلْيِ ٱلْحَمِيمِ } * { خُذُوهُ فَٱعْتِلُوهُ إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ } * { ثُمَّ صُبُّواْ فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ ٱلْحَمِيمِ } * { ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ } * { إِنَّ هَـٰذَا مَا كُنتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ }

عشر آيات كوفي وبصري وتسع في ما عداه، عدّ الكوفيون والبصريون { الزقوم } ووافقهم عليه الشاميون والمدني الأول. وعدّ أيضاً العراقيون { يغلي في البطون } ووافقهم عليه المكيون والمدني الأخير.

قرأ { يغلي } بالياء كثير وابن عامر وحفص عن عاصم. الباقون بالتاء. من قرأ بالياء رده إلى المهل. ومن قرأ بالتاء رده إلى الشجرة. قال ابو علي: من قرأ بالياء حمله على الطعام، لان الطعام هو الشجرة فى المعنى ألا ترى انه خبر الشجرة والخبر هو المبتدأ بعينه إذا كان مفرداً فى المعنى، ولا يحمل على (المهل) لان المهل إنما ذكر ليشبه به في الذوق، لان التقدير إن شجرة الزقوم طعام الأثيم تغلي في البطون كالمهل على الحميم.

لما ذكر الله تعالى أن يوم الفصل ميقات الخلق يحشرهم الله فيه ويفصل بينهم بالحق أي يوم هو؟ فوصفه انه { يوم لا يغني فيه مولى عن مولى شيئاً } ، لأن الله تعالى أيأس من ذلك، لما علم فيه من صلاح العباد، ولولا ذلك لجاز أن يغرى. والمعنى إنه ليس لهم من ينتصر لهم من عقاب الله تعالى، فلا ينافي ذلك ما نقوله: من أنه يشفع النبي والأئمة والمؤمنون فى إسقاط كثير من عقاب المؤمنين، لأن الشفاعة لا تحصل إلا بأمر الله واذنه. والمراد في الآية أنه ليس لهم من يغني عنهم من غير أن يأذن الله له فيه على وجه الدفع عنه والنصر له، وبين ذلك بقوله { ولا هم ينصرون } والمولى - هٰهنا - الصاحب الذي شأنه أن يتولى معونة صاحبه على أموره، فيدخل فى ذلك ابن العم والحليف وغيره ممن هذه صفته وقد استثنا ما اشرنا اليه بقوله { إلا من رحم الله } فان من يرحمه الله اما أن يسقط عقابه ابتداء او يأذن في إسقاط عقابه بالشفاعة فيه.

ثم وصف نفسه بأنه القادر الذي لا يغلب ولا يقهر بدفع العقاب عمن يريد فعله به { الرحيم } أي المنعم لمن يريد العفو عنه باسقاط عقابه.

ثم اخبر تعالى { إن شجرة الزقوم طعام الأثيم } الذي يستحق العقاب بمعاصيه وعنى به - ههنا - أبو جهل، فالزقوم ما أكل بتكرّه شديد له، لانه يخشو به فمه ويأكله بشره شديد، ولهذا حكي عن أبي جهل انه أتى بتمر وزبد، فقال: نحن نتزقم هذا أي نملأ به أفواهنا فما يضرنا.

ثم شبه ذلك بأنه مثل المهل، وهو الشيء الذي يذاب فى النار حتى يشتد حره كالفضة والرصاص وغيرهما مما يماع بالنار، وهو مهل، لأنه يمهل فى النار حتى يذوب. وقال ابن عباس: المهل ما أذيب بالنار كالفضة، وهو قول ابن مسعود وروي عن ابن عباس ايضاً أن المهل دردي الزيت فى النار.

السابقالتالي
2